ببالغ الأسى والحزن تلقّيت خبر وفاة العالم الكامل البحّاثة المحقّق آية الله السيد محمد مهدي الخرسان طاب ثراه، الذي التحق بجوار ربّه في يوم الأحد غرّة ربيع الأوّل سنة 1445هـ.
كانت معرفتي بسماحته منذ تشرّفي بالذهاب إلى النجف الأشرف سنة 1416هـ للدرس والتحصيل، وقد عرفته في طول هذه المدة مكبًّا على الكتابة والبحث والتحقيق والاهتمام بالعلم والخير، مع أدب جمّ وبشاشة وخلق رفيع.
لقد أثرى سماحته المكتبة الإسلامية بكثير من المؤلّفات النافعة، حيث قام قدّس سرّه بتحقيق بعض الكتب المهمّة، مثل موسوعة ابن إدريس الحلّي (14 مجلدًا)، وكتابة جملة وافرة من المؤلّفات القيّمة، مثل موسوعة عبد الله بن عبّاس (21 مجلدًا)، وكتاب علي إمام البررة (3 مجلدات)، وهو شرح أرجوزة السيّد الخوئي قدّس سره في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وكتاب السجود على التربة الحسينية، والمحسن السبط: مولود أم سقط؟ وغيرها من المؤلّفات النافعة.
الجانب الذي لا يعرفه بعض المسلمين من الإسلام
إن الإسلام هو دين الرحمة والسلام، وهو دين المحبّة والحرية، الذي كفل لكل الناس حقوقهم، وحفظ لهم كرامتهم، ولم يُكرههم حتى على قبول الإسلام نفسه، كما قال تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256].
لقد استطاع المسلمون الأوائل أن يَدْعوا إلى دين الإسلام بالحجة والدليل، لا بالسيف والإرهاب؛ لأن الإسلام هو الدين الوحيد من بين جميع الأديان المعروفة الذي يخاطب العقول، ويحث على التأمّل والتفكير، والإسلام لا يحتاج إلى السيف حتى يتوسّع وينتشر، ووصوله إلى أقاصي الدنيا لم يكن بحرب ولا بقوّة، وإنما كان بسبب أنه هو الدين الحق من بين سائر الأديان.
لا شك في أن موسم عاشوراء:


موسم عبادي، وثقافي، وسلوكي، وإعلامي.


والطاقات التي تبذل فيه وتستنفر فيه كثيرة جدًّا.


والأموال التي تنفق فيه أموال طائلة.


كما أن الأوقات التي تصرف فيه كثيرة أيضاً.


ولأجل ذلك لا بد أن يعمل جميع الشيعة على إنجاح هذا الموسم، من أجل تحقيق الاستفادة القصوى منه، وحتى لا تضيع تلك الجهود والأموال والأوقات المبذولة فيه سدى ومن دون الفائدة المرجوة.


وكلامنا في هذا المقام يقع في نقطتين:


النقطة الأولى: في المعايير التي بها يتحقق إنجاح موسم عاشوراء.


والنقطة الثانية: في الفئات التي تقع عليها مسؤولية إنجاح موسم عاشوراء.


كثيراً ما يتساءل بعضهم عن الدواعي والأسباب التي تدعو الشيعة للعناية الشديدة بإحياء مصيبة عاشوراء، وتجديدها في كل عام، حيث تستنفر جميع طاقاتهم، ويحيون هذه المناسبة أكثر من عشرة أيام في جميع أنحاء العالم، خصوصاً أن ما جرى على الحسين في كربلاء قد مضى عليه أكثر من أربعة عشر قرناً، ولعل الإمام الحسين (عليه السلام) الآن في أعلى عليين في الجنة، والشيعة يبكون عليه ويندبونه ويلطمون عليه!!


بل ربما يتصور من يخالف الشيعة أن إحياء هذه المناسبة لا معنى له، ولا حاجة له أصلا!!


للجواب عن ذلك نقول:


إن أهم الدواعي والأسباب التي تدعو الشيعة لشدة العناية بإحياء مصيبة الإمام الحسين (ع) في عاشوراء أمران:


تعقيباً على ما نشر في بعض الصحف في زاوية إجابات مهمة التي يشرف عليها الشيخ صالح بن سعد اللحيدان حول ما ذكره من الجواب عن قبر الإمام الحسين عليه السلام، حيث ذكر أن قبر الإمام الحسين عليه السلام يقع في خارج كربلاء بمسافة 30 ميلاً، والقبر الموجود الآن في كربلاء هو قبر مولى لزياد بن أبيه، اسمه: الحسين بن ياقوت الزنجي.



ولي على هذا الكلام عدة ملاحظات:

1- أن القبور إنما تُعرف لأصحابها بالشهرة
قد يتساءل البعض، فيقول: لماذا لم يعمل الإمام الحسين بالتقية؟ ولماذا لم يعتمد الخيار السلمي في مواجهة بني أمية؟ فإن البعض يقول: إن الإمام الحُسين قد فرّق صفوف المسلمين بخروجه على خليفة المسلمين في ذلك الوقت!!
ويمكن إيضاح هذا الأمر بجوابين اثنين:
1- أن التقية إنما شُرِّعت لحفظ النفوس والأعراض والدماء، فعندما يدور الأمر بين حفظ هذه الأمور المهمة وحفظ غيرها مما هو دونها أهمية، فإنه يجب العمل بالتقية حفظاً للنفوس، والأموال، والأعراض، وعلى ذلك كانت سيرة الأئمة الأطهار عليهم السلام
سئل سماحة الشيخ سؤالاً نصه :
 لماذا استجاب الإمام الحسين  لأهل الكوفة وأرسل إليهم سفيره مع علمه بحالهم وأنهم سوف ينقلبون ؟
وأجاب سماحته بالآتي :
يمكن الإجابة على هذا التساؤل بعدة إجابات:
1-              أن الإمام الحسين عليه السلام لم يستجب إلى القوم مباشرة ...
كثير من المسائل الفقهية المهمة التي اختلفت فيها آراء أساطين العلماء قديماً وحديثاً، وكثر فيها الأخذ والرد، والنقض والإبرام، وربما ألفت فيها رسائل وكتب، إلا أن أكثر تلك المسائل لا يكون في طرحها بين العلماء ولا عند العوام أي حذر أو محذور، وقد لا يتردد الفقيه في طرح رأيه المخالف لما هو المشهور عند علماء الإمامية، مع أن بعض تلكم المسائل ربما يرتبط بأمور مهمة، تمس الدماء، والفروج، والأعراض، والأموال.
إلا أن بعض المسائل الفقهية أخذت أبعاداً أخرى، فصار من يطرح رأيه فيها عرضة للطعن والنقد، أو عرضة لما هو أكثر من ذلك.
ولعل من الأمثلة الواضحة على هذا النوع من المسائل مسألة (التطبير)، فإنها أخذت بعداً كبيراً، فاعتبرها بعضهم مسألة فقهية، حالها حال غيرها من المسائل الفقهية التي يجوز للفقيه أن يبدي فيها رأيه، وإن خالف فيها أساطين الطائفة وجهابذتها، بينما رأى البعض الآخر أن التطبير من شعائر الله، أو من شعائر المذهب، أو من الشعائر الحسينية التي لا يحق لأي أحد أن يجتهد فيها بأي حال من الأحوال.
قد يعقد البعض مقارنة بين ما فعله الإمام الحسن عليه السلام من مصالحة معاوية، وما فعله الإمام الحسين عليه السلام من عدم مصالحة يزيد، ويتساءل قائلاً: إذا كان الصلح هو الصحيح فلم لم يصالح الإمام الحسين عليه السلام؟ وإذا كان
أن الصادقين معصومون:


ويمكن بيان ذلك بأمرين:


الأمر الأول: أن الأمر بالكون معهم مطلق، أي أنه لم يقيد بما إذا كانوا على حق أو صواب مثلاً، وهذا دليل على أنهم لا يخطئون، ولو كان احتمال الخطأ فيهم وارداً لما صح الأمر بالكون معهم مطلقاً، بل وجب أن يكون مقيداً بحال كونهم على الحق دون غيره.


الأمر الثاني: ما ذكره الفخر الرازي في تفسيره، حيث قال: إن قوله: {يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله} أمر لهم بالتقوى، وهذا الأمر إنما يتناول من يصح منه أن لا يكون متقياً، وإنما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ، فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتدياً بمن كان واجب العصمة، وهم الذين حكم الله تعالى بكونهم صادقين، فهذا يدل على أنه واجب على جائز الخطأ كونه مع المعصوم عن الخطأ حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعاً لجائز الخطأ عن الخطأ، وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان، فوجب حصوله في كل الأزمان. (التفسير الكبير 16/221).
تحدث سماحة الشيخ علي آل محسن في كلمة الجمعة في الحادي والعشرين من شهر رجب سنة 1437هـ عن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، انطلاقاً من الآية الشريفة: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)).



وبعد أن أوضح سماحته بأن المقصود من فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله هو أهميتها، والأجر والثواب المتحصل من قولها، والآثار التي تترتب عليها، شرع الشيخ في ذكر أول فضيلة لها، وهي كونها مذكورة في كتاب الله العزيز كما جاء في الآية الشريفة المتقدم ذكرها. وأشار سماحة الشيخ إلى أن من فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله أن الله عز وجل يصلي على النبي، وأن ملائكته يصلون عليه، وأن الله تبارك وتعالى أمر المؤمنين بالصلاة عليه.
من الملاحظ أنك عندما تتعامل مع مسلم فإنك لا تأمن منه أن يغشّك، فيعطيك سلعة ليست بالمواصفات المطلوبة المتفق عليها بينك وبينه، وربما يغبنك في ثمن السلعة، فيبيعك إياها بأكثر من ثمنها الحقيقي، أو يتأخّر في تسليمها لك عن الموعد المتّفق عليه بينكما، أو لا يلتزم بالضمان الذي تلتزم به الشركة المصنِّعة لتلك السلعة، ونحو ذلك.


وفي المقابل عندما تتعامل مع نصراني أو رجل آخر غير مسلم تجد أن المعاملة مختلفة تماماً، فإنه لا يغشك، بل يكون صادقاً معك، ويلتزم بما هو متفق عليه بينكما، بل ربما يعطيك أكثر مما تستحقه، ويتساهل معك في كثير من الأمور التي لا يتساهل فيها المسلم.
عندما ننظر إلى الصائمين في شهر رمضان المبارك نجد أنهم يختلفون على أربع فئات:


الفئة الأولى: هم العامة:


وهم أغلب الناس، فإنهم يمتنعون عن الأكل والشرب وسائر المفطرات نهاراً، ولكن هذا الطعام الذي امتنعوا عن أكله نهاراً يأكلونه ليلاً.


وهؤلاء امتنعوا عن المفطرات فقط، وهمهم الأساس هو تصحيح صومهم، وإبراء ذممهم، ولعلهم لم يستفيدوا شيئاً من الصيام، لأنهم أخّروا أكلهم في النهار إلى الليل، بل ربما جعلوا امتناعهم عن الأكل نهاراً حافزاً لهم لكي يزدادوا أكلاً في الليل، وهذا هو الملاحظ في كثير من الناس، فإنهم يأكلون في شهر رمضان من أنواع الأطعمة ما لا يأكلونه في غيره من الشهور الأخرى كمًّا وكيفاً.
إن واقع المسلمين في هذه الأيام واقع سيئ جداً لا يحسدون عليه، فإن الفتن متفشية في العديد من البلاد الإسلامية كفلسطين والشام والعراق وباكستان والصومال ومصر وليبيا وتونس واليمن وغيرها، وفي هذه الحروب كثر فيها سفك الدماء، وهتك الأعراض، وإتلاف الأموال ونهبها بالنحو الذي يُحدِّث التاريخ أنه كان يَحْدُث مثله في الحروب الهمجية البربرية، حتى تشكّلت عند غير المسلمين في جميع أنحاء العالم صورة سيئة سوداء قاتمة عن ثقافة المسلمين في الحرب، أحدثتها هذه النزاعات الدموية المشتعلة في الشرق الأوسط.
شهدت أمتنا الإسلامية بأطيافها المتعددة خلال العقود القليلة المنصرمة تحديات كبيرة، عرقلت مسيرة نهضتها، وأثرت سلباً على صورتها الخارجية، كان أبرز تلك التحديات حالة الفرقة التي تعيشها المجتمعات الإسلامية، وغياب الحوار الهادئ بين أبنائها، وحتى تتجاوز الأمة محنها، وتنفض غبار العتمة التي شوهت ملامحها، خرجت مساعٍ إسلامية تدعو المجتمع الإسلامي إلى الحوار الداخلي الهادئ بين الفرق والمذاهب الإسلامية المختلقة.
اختلف العلماء واللغويون في تعريف الشعيرة، فذهب الشهيد الثاني قدس سره في مسالك الأفهام 2/198 إلى أن الشعيرة هي العبادات التي يعبد الله تعالى بها.

وقال المقدس الأردبيلي قدس سره في زبدة البيان، ص 230: شعائر الله هي أعلام الشريعة التي شرعها الله، وإضافتها إلى اسم الله تعظيم لها.



واختلف اللغويون في الشعيرة على معان كثيرة، والذي رأيته هو أن الشعيرة تطلق على أربعة معان، هي:



1- الشعيرة تطلق على العبادات كالصلاة والصوم والحج وغيرها.