السيد أحمد الطباطبائي التربتي الخراساني
مرات العرض: «2655» حفظ الصورة
سماحة آية الله السيد أحمد الطباطبائي التربتي الخراساني دام ظله

ولد سماحته في مدينة تربت حيدرية في محافظة خراسان سنة 1337 هجري شمسي الموافق لبداية سنة 1378 هجري قمري تقريباً، ونشأ وترعرع في عناية والده الذي كان من الأشخاص المعروفين بالزهد والتقوى والثقافة الدينية، ومحترماً بين الأوساط العلمية.

درس السيد أحمد مقدماته في بلدته ثم هاجر إلى مشهد المقدسة وكان ذلك في حدود سنة 1391هـ ، وأخذ بعض كتب الأدب عند أستاذ الأدب في خراسان العلامة الأديب السيد علي الحجة الهاشمي الخراساني حفظه الله وعافاه، وفي أول هجرته إلى مشهد المقدسة تعرّف على أستاذه آية الله الشيخ محمد إسماعيل المحقق رحمه الله الذي قد استوطن مشهد المقدسة قادماً من النجف الأشرف فشرع معه في دراسة السطوح ودرس عنده شرح اللمعة وأصول الفقه للشيخ المظفر.

ومما يقوله السيد التربتي في هذا المجال أن شأن الشيخ المحقق كان أعلى من تدريس السطوح الأولى، لكنه لما رأى الحاجة إلى تقوية هذه المرحلة وأن يوجد فيها أستاذٌ متسلّطٌ على البحث بكافة جوانبه وتمام أطرافه قام بتدريس كتب هذه المرحلة.

وعلى كل حال وجد السيد التربتي ضالته عند الشيخ المحقق فلازمه ملازمة شديدة، واستفاد منه بقدر وسعه، ولما رأى الشيخ المحقق استعداد ونشاط السيد التربتي فتح له درساً خاصاً مكثفاً في فترة الصيف درّسه خلالها ما يعادل مقدار سنة دراسية، فأكمل في الفترة الصيفية ما تبقى له من أبواب اللمعة كما أكمل أصول المظفر.

وفي بداية العام الدراسي الجديد شرع السيد التربتي بالرسائل والمكاسب، وقد أخذ أغلبها عند الشيخ المحقق، ثم بعد انهائه للرسائل حضر الكفاية عنده وحضر قسماً منها عند سماحة آية الله الشيخ رجب علي رضا زاده حفظه الله، والجدير بالذكر أن السيد التربتي قد صاهر أستاذه الشيخ المحقق على كريمته.

وبعد إنهائه للسطوح حضر البحث الخارج عند سماحة آية الله المعظّم السيد حسين الشمس قدس سره –المتوفى في آخر ربيع الثاني 1441-، ولازمه عدة سنوات لحين هجرته إلى قم المقدسة، كما حضر عند سماحة آية الله المعظّم السيد إبراهيم علم الهدى السبزواري قدس سره، وكلاهما من أبرز تلامذة السيد المحقق الميلاني رحمه الله، وكان حضوره لديهما فقهاً وأصولاً، وكان بحث الأصول للسيد علم الهدى على ضوء نهاية الدراية لشيخ المحققين الشيخ محمد حسين الأصفهاني قدس سره، ويقول السيد الطباطبائي إنه كان متسلطاً جداً على مطالب الشيخ الأصفهاني.

ثم هاجر إلى قم المقدسة في عام 1399 هـ تقريباً، وحضر بحوث الخارج لدى:

1-آية الله العظمى المحقق السيد محمد الروحاني قدس سره، وقد حضر عنده بإشارة من شيخه المحقق، حيث أشار عليه بالحضور عنده، ولما حضر درسه أُعجب بتحقيقاته العلمية كثيراً فلازم درسه ومجلسه حتى وفاته سنة 1418هـ، وحضر لديه أصولاً من أول الأصول حتى مقدار من مبحث الاستصحاب، وفقهاً في المكاسب المحرمة والبيع والخيارات والإجارة وخلل الصلاة ومقدار من الحج.
وقد دوّن دروسه الشريفة، وتمتاز تقريراته الأصولية باشتمالها على بعض النكات التي ليست موجودة في (منتقى الأصول).
ويقول السيد التربتي إنه وبالرغم من المكانة التي احتلها كتاب (منتقى الأصول) في الحوزات العلمية والمعاهد الدينية، بحيث أصبح مرجعاً مهماً للفضلاء والعلماء وغدا مورداً للاهتمام طوعاً وكرهاً إلا أن مقام الثبوت العلمي للسيد الروحاني كان أقوى من ذلك.

2-آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي قدس سره، حضر عنده في خارج الخيارات.

3-آية الله العظمى السيد علي الفاني الأصفهاني قدس سره.

4- المرجع الكبير آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله، حضر لديه أصولاً 13 سنة في مباحث القطع إلى أواخر الدورة الأصولية وشيئاً من أول الثانية، وفقهاً في المكاسب المحرمة والصلاة، وقرر أبحاثه الشريفة، وكان بعض فضلاء درس الشيخ الوحيد دام ظله يعتمدون على تقريره إن فاتهم شيء من الدروس، لما امتاز به من الضبط.

5- آية الله المعظّم السيد حسين الشمس الخراساني قدس سره، حضر عنده فقهاً في كتاب القضاء، وفي الأصول سنوات عديدة، كما حضر عنده في الفلسفة كتاب المنظومة، وقد اعتنى به السيد الشمس عناية فائقة وأمره بعد ذلك بتدريسها، وكانت له أوقات خاصة لا يشاركه فيها أحد.

كما استفاد من المجالس العلمية لسماحة الفقيه الأصولي المحقق آية الله الميرزا كاظم التبريزي قدس سره.

وهو يرى أن عمدة استفادته العلمية من السيدين الروحاني والشمس قدس سرهما.

تدريسه:

مارس تدريس المتون الحوزوية من المقدمات وحتى السطوح العليا ودرّس كتب السطح العالي مرات عديدة، فالكفاية مثلاً قد درّسها ما يناهز عشر مرات، كما درّس بعض كتب الفلسفة، ودرّس بعض مباحث منتقى الأصول، ويمتاز درسه بالبيان الراقي والدقة العالية في التعامل مع مطالب المتون، كما حدّث بذلك بعض تلامذته.

ثم بعد ذلك شرع – ومنذ سنوات عديدة - بتدريس البحث الخارج فقهاً وأصولاً وكان يدرّس مدة من الزمن في مدرس مؤسسة صاحب الأمر عجّل الله فرجه التابعة لأية الله الشيخ حسن الصافي الأصفهاني رحمه الله، وشرع بدرسين آخرين إلى جانب دروس الفقه والأصول، وهما درس فقه استدلالي مختصر في العبادات على ضوء مباني منهاج الصالحين لآية الله العظمى السيد تقي القمي قدس سره، ودرس في الأخلاق في شرح الصحيفة السجادية.
ثم انتقل إلى مدرسة الإمام الباقر عليه السلام التابعة لسماحة آية الله العظمى السيد موسى الشبيري الزنجاني دام ظله والتي اتخذت بيت المرجع الراحل آية الله العظمى السيد أبو القاسم الكوكبي قدس سره مقراً لها، وواصل في هذه المدرسة دروسه في الفقه وشرع في دورة جديدة في الأصول حيث أنهى الدورة السابقة، مضافاً إلى درسي مباني المنهاج وشرح الصحيفة.

صفاته وأخلاقه:

وصفه أحد طلبته: بأنه صاحب روح ترابية، وتديّن رفيع، وأخلاق فاضلة، فهو على الرغم مما يتمتع به من المقام العلمي يفضّل الابتعاد بمقدار ما يستطيع عن الأضواء والشهرة.
كما أن له عناية بالمعنويات وإن كانت ذات مشقة، دائم الذكر لله تعالى، كما أنه شديد التواضع والقناعة والإنصاف.

وقد سأله بعض زائريه أن ينصحه فأطرق مدةً ثم أبدى كونه غير أهل لإسداء النصيحة، ثم قال: إنّ مثلي لابد أن لا يأمر أحداً وينصحه بشيء ولا يأتي به.

كتبها: محمد جعفر الزاكي
السيد محمد حسن المرتضوي الشاهرودي
السيد محمد هادي الميلاني