السيد هاشم الهاشمي
مرات العرض: «8106» حفظ الصورة تكبير الصورة
سماحة آية الله السيد هاشم الهاشمي الكلبيكاني قدس سره
(1369 – 1442)

هو نجل سماحة آية الله السيد محمد جمال الهاشمي العالم الجليل والأديب الشاعر المعروف المتوفى سنة 1397هـ، وحفيد سماحة آية الله العظمى المرجع الكبير السيد جمال الدين الكلبيكاني المتوفى سنة 1377 هـ، والذي كان من أقدم وأبرز تلامذة المحقق الميرزا النائيني قدس سره وأعزهم لديه، وقد عُرف - إضافة إلى مقامه العلمي السامي - بالقداسة والزهد والتقوى.

ولادته ونشأته:

ولد السيد هاشم الهاشمي في سنة 1369هـ في مدينة النجف الأشرف، ونشأ في أحضان هذه الأسرة العلمية محباً للعلم وأهله، دخل مدارس منتدى النشر بمراحلها الثلاث، ثم التحق بكلية الفقه، وأنهاها سنة 1391هـ.
بدأ بدراسته الحوزوية في صغره إلى جانب دراسته الأكاديمية، فقرأ مقدمات العلوم وهو في سن العاشرة تقريباً، ثم بعد انتهائه من كلية الفقه بقي لديه مقدار قليل من السطوح العليا التي سرعان ما انتهى منها والتحق بأبحاث الخارج لدى فحول العلماء وكبار الأساتذة.

من أساتذته في السطوح:

1-والده آية الله السيد محمد جمال الهاشمي قدس سره، كما حضر لديه قسماً من البحث الخارج.
2-آية الله الشيخ مجتبى اللنكراني قدس سره.
3-آية الله الشيخ صدرا البادكوبي قدس سره.
4-آية الله السيد محمد حسن المرتضوي الشاهرودي دام ظله (نزيل مشهد المقدسة).

أساتذته في البحث الخارج:

حضر البحث الخارج في حوالي سنة 1392هـ، عند العديد من الأساتذة والمدرسين، وأبرز مشايخه:
1-زعيم الحوزة العلمية وقطب رحاها آية الله العظمى المحقق السيد الخوئي قدس سره، حضر لديه في دورته الأخيرة من الأصول والتي أوقفها السيد الخوئي في مبحث الضد بعد مدة ليست بالطويلة من حضوره، وفي الفقه حضر لديه في الزكاة والخمس والحج من العروة.

2-آية الله العظمى السيد ميرزا محمد حسن البجنوردي قدس سره، حضر لديه في علم الأصول إلى وفاته سنة 1395هـ.

3-آية الله السيد محمد تقي الحكيم قدس سره، التحق بدورته الأصولية منذ شروعه فيها وأخذ معه مقدمات الألفاظ، ثم بحث الأوامر، ثم إن السيد الحكيم عندما وصل إلى مبحث الطلب والإرادة بحث مسألة الجبر والتفويض – كما هي عادة الأصوليين من زمن صاحب الكفاية – بحثاً لطيفاً وبديعاً على حسب تعبير السيد الهاشمي، فقد استقصى الأقوال والنظريات المذكورة في كتب الأصول والحكمة، كما أنه تطرّق لآراء الفلاسفة الغربيين.

4-المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشاهرودي قدس سره، فقهاً وأصولاً، وواصل الحضور لديه بعد الهجرة إلى قم المقدسة، فبلغت سنوات حضوره لديه عشر سنوات أو أكثر، والجدير بالذكر أن السيد الهاشمي صهر السيد الشاهرودي على كريمته.

5-مرجع الطائفة آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله، حضر لديه أولاً في بحث تعطيلي رمضاني وهو بحث الربا، فأُعجب به كثيراً؛ لما رأى فيه من سعة إطلاع وثقافة وموسوعية قليلة النظير، وإحاطة بأقوال المتقدمين والمتأخرين من العامة والخاصة، ومتابعة لكل جديد ككتب علم النفس والاجتماع، بحيث يستفيد من كل ذلك في تدعيم نظراته العلمية وتأييد نظرياته في الفقه والأصول والرجال.
وعند الشروع في السنة الدرسية الجديدة التحق ببحثه فقهاً وذلك في كتاب الصلاة، وأصولاً من أواخر مبحث البراءة من الدورة الثانية حيث أخذ لديه قاعدة لا ضرر ولا ضرار، ومن ثم الاستصحاب، وبعده تعارض الأدلة والذي بحثه السيد السيستاني دام ظله بمنهج جديد حيث أضاف له بحث علل اختلاف الحديث وأفاد فيه كثيراً من النكات العلمية، وبعد انتهاء هذه الدورة حضر في الدورة الجديدة إلى أن أُخرج من النجف الأشرف قبل عام 1400هـ بقليل.

أساتذته في قم المقدسة:

عند قدوم السيد الهاشمي إلى قم المقدسة، واصل وظيفته العلمية من التدرّس والتدريس، وحضر لدى بعض الفقهاء حضوراً قليلاً، واستقر حضوره لدى:

1-المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبيكاني قدس سره، حضر لديه في الفقه في بحث القضاء والشهادات، وذلك في غضون ثلاث سنوات تقريباً.

2-المرجع الكبير آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي قدس سره، حضر لديه دورة أصولية تقريباً، وفي الفقه عشر سنوات.

3-المرجع الكبير آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله، حضر لديه عشر سنوات أصولاً، ومثلها في الفقه حيث أخذ لديه: المكاسب المحرمة، والصلاة.

تدريسه ونشاطه العلمي:

اشتغل السيد الهاشمي بتدريس السطوح العليا لفترة من الزمان، وحضر عليه جمع في الكفاية، كما أنه درّس منظومة السبزواري في الحكمة بشكل خاص لبعض الطلاب الحجازيين.
واشتغل بتدريس البحث الخارج لفترة مديدة من الزمان وحضر عليه جمع من الطلاب العرب والإيرانيين، إلى أن أصيب بمشاكل صحية كثيرة أثرت على حركته وقواه، فاضطر إلى نقل درسه إلى بيته في سنة 1436هـ تقريباً وواصل التدريس بشكل خاص فقهاً وأصولاً، كما كان يدرّس كتاب (تعارض الأدلة واختلاف الحديث) وهو ما قرره من بحوث السيد السيستاني دام ظله يومي الخميس والجمعة لبعض الطلاب، مضافاً لإشرافه على تصحيح كتب جده السيد جمال الدين الكلبيكاني، وقد صدر منه كتاب الصلاة في أربعة مجلدات.
وواظب على التدريس إلى أن ضعف حاله جداً وأُصيب بجلطة أثرت على كلامه فقطعه في أواخر سنة 1439هـ واقتصر على مراجعة كتبه وكتب جده.

ونذكر من تلامذته:
السيد حسين الياسين الأحسائي (كفاية)، السيد هاشم الخباز، أخواه: السيد صالح الهاشمي والسيد جمال الهاشمي، الشيخ حسين بوخمسين (مكاسب)، الشيخ زكي أبو السعود (كفاية)، الشيخ علي الكبيش (كفاية)، الشيخ حيدر السندي، الشيخ جعفر المطر، ابنه السيد مهدي الهاشمي، السيد جواد الشاهرودي، السيد عباس الشاهرودي، الشيخ جواد القوجاني، الشيخ هيثم العلي، الشيخ حسن محمد الهودار، الشيخ عبدالمجيد العيسى، الشيخ سعيد الجدي، الشيخ عبد المحسن البقشي، السيد حامد الحسيني، الشيخ عبدالهادي العليو، الشيخ شبر الخزعل، الشيخ محمد السالم، الشيخ عبد العظيم المشيخص، المرحوم الشيخ يوسف الغانم.


كتاباته ومؤلفاته:

نشرت له العديد من المجلات والدوريات مقالات علمية ورجالية وأدبية، كمجلة تراثنا ومجلة رسالة الثقلين.

ومن مؤلفاته المطبوعة:

1-الحداثة والفكر الإسلامي عرض ونقد.

2-آراء حداثية في الفكر الديني عرض ونقد.

3-الشهيد حجر بن عدي الكندي: استقصى فيه ما ذكر حوله في مختلف المصادر بما يسلّط الضوء على سيرة حياته متكاملة من حياته حتى استشهاده في مرج عذراء.

4-سفيان بن مصعب العبدي: تحدّث فيه عن الشاعر الولائي العبدي والذي وردت الرواية في حقه عن الإمام الصادق عليه السلام: (علّموا أولادكم شعر العبدي فإنه على دين الله)، وجعل الكتاب في قسمين، كان الأول منهما عن حياته وتقييمه تقييماً رجالياً، والقسم الثاني أورد فيه قسماً من شعره مع شرحه له وذكر الأحاديث التي استفاد منها العبدي في نظمه، سواء وردت في كتب الخاصة أم العامة.

5-أبو الأسود الدؤلي ودوره في وضع النحو العربي، وقد وضع هذه الدراسة في بابين:
الأول: بحث فيه عن حياة أبي الأسود الدؤلي وعقيدته بأمير المؤمنين عليه السلام ومواقفه.
الثاني: بحث فيه عن وضع أبي الأسود لعلم النحو بتوجيه من أمير المؤمنين عليه السلام، ودفع الشبهات التي أُثيرت حول ذلك، واشتمل هذا الباب على بحوث لطيفة وفوائد شريفة من قبيل البحث عن أصالة النحو العربي، ومسألة الوضع والواضع، والمنع من تدوين الحديث، وغيرها.
وقد حملت هذه العناوين الثلاثة الأخيرة عنواناً رئيسياً وهو (من أعلام الولاء)، وقد كتب السيد الهاشمي اسمه هكذا (السيد هاشم محمد).

6-أضواء على علم الدراية والرجال، كتاب في أهم مباحث علم الرجال ركّز فيه على الآراء الرجالية لمن تأخر عن السيد الخوئي كالسيد السيستاني والسيد الشبيري الزنجاني والميرزا جواد التبريزي، طُبع في 600 صفحة سنة 1439 هـ

7-تقريرات في علم الأصول، تقريراً لأبحاث السيد السيستاني دام ظله في 5 مجلدات، طُبع في شهر صفر سنة 1441هـ، وقد اشتمل على بحث تعارض الأدلة واختلاف الحديث في مجلدين، وقسم من مباحث الألفاظ في 3 مجلدات.
والجدير بالذكر أن بحث تعارض الأدلة واختلاف الحديث كان منتشراً منذ وقت قديم ثم أجرى عليه السيد الهاشمي تعديلات وتصحيحات وانتشر مرة أخرى بصورة مستقلة قبل أن يُطبع تحت هذا العنوان وضمن هذه المجموعة.

8-رسالة في الربا، وهي تقرير لأول المباحث التي حضرها عند السيد السيستاني دام ظله في شهر رمضان سنة 1396هـ، وقد طُبعت في شهر صفر 1441هـ.

9-القواعد الفقهية، وهو تقرير لمحاضرات السيد السيستاني دام ظله في خمس قواعد فقهية تُبحث في علم الأصول، وهي قاعدة لا ضرر وتُبحث في آخر مباحث البراءة والاشتغال، وقواعد: الفراغ والتجاوز، والصحة، واليد، والقرعة، وتُبحث في آخر مباحث الاستصحاب.
ويقع الكتاب في مجلد واحد طُبعت في سنة 1441هـ


10-خلاصة الأصول في 4 مجلدات
وهذا الكتاب يشكل دورة كاملة في علم الأصول، طُبع في شهر رجب 1441هـ، وقد جاء في مقدمة الكتاب للسيد المؤلف:
(الأصول توسع وتضخّم فحاولنا إيجازه، وخاصة مباحث الاشتغال ورأينا خير من وضّح هذه المطالب المهمة السيد الخوئي فاعتمدنا عليه، إضافة إلى بعض الإشكالات في آرائه... وقد تم بحمد الله هذا الكتاب الأصولي الذي يعتبر خلاصة لآراء المتقدمين والمتأخرين في المطالب الأصولية فكان إنجازاً مهماً لخّصت فيه الأصول كله...وأكملت الدورة الأصولية التي جمعتُ فيها المطالب الأصولية المهمة بآخر آرائها وتطوراتها). انتهى.

وقد صدق السيد المؤلف رحمه الله فيما قاله، فقد حوى الكتاب على آراء الأعلام المعروفين وهم: الشيخ الأعظم والمحقق الخراساني والأعلام الثلاثة: النائيني والعراقي والأصفهاني، وكذا آراء الشيخ الحائري اليزدي والسيد البروجردي وأعلام تلامذتهما وتلاميذهم، واستفاد من تقريرات السيد المروّج لبحث السيد الشاهرودي الكبير وما قرره المؤلف نفسه من درس السيد البجنوردي في توضيح آراء الميرزا النائيني، واعتمد بالدرجة الأساس على السيد الخوئي كما نصّ في المقدمة، ولاحظ آراء أعلام تلامذته كالسيد محمد الروحاني والسيد الصدر قدس سرهما، وكذا السيد محمد صادق الروحاني في كتابه زبدة الأصول والسيد السيستاني دام ظلهما، وغير هؤلاء الأعلام، وكذا اشتمل الكتاب على بعض المطالب المهمة والجديدة كالبحث عن مصادر الفتوى عند المذاهب الإسلامية الأخرى، والمنهج في دراسة المسائل العقائدية.

وسيصدر قريباً للسيد قدس سره ثلاثة عناوين:
1-كتاب الصلاة، تقرير بحث السيد السيستاني دام ظله.
2-مباحث أصولية، من تقرير درس السيد محمد تقي الحكيم قدس سره.
3-شرح المنظومة.


أما مخطوطاته فهي كثيرة جداً فقد دوّن وكتب كل دروسه التي حضرها عند مشايخه، وكلها مخطوطة ومحفوظة عنده.

كما أنه يدوّن ما يدرّسه من البحوث العالية في الفقه والأصول، وقد كتب من الفقه عدة أبواب كالطهارة والصلاة والصوم والخمس، والصيد والذباحة، والأطعمة والأشربة ومقدار كبير من النكاح والمضاربة.


ونختم مقالتنا بذكر الجانب الأدبي لدى السيد، فهو قد اكتسب هذا الجانب من أبيه، ولديه قصائد كثيرة ومرسلات ومساجلات، وقد أعدّ ديواناً يختص بالمعصومين الأربعة عشر عليهم السلام تحت عنوان (أنوار الولاء) طُبع في سنة 1440 هـ، وقد ابتدأ كل فصل بذكر موجز حياة ذلك المعصوم، ثم أورد ما نظمه فيه، وذكر بعض القصائد الأخرى المفيدة في المناجاة والموعظة، ويعجبني أن أذكر هذه الأبيات:

تعلّمت تحصيل السعادة بالتقى --- وضبط ملذاتي بدرب حياتي
وقد خضتُ موج المغريات لعلّني --- أرى في مداها العذب درب نجاةِ
ولكنني ألفيتُ بحراً من الشقا --- يلوح وراء اللهو والبسماتِ
فوجّهتُ وجهي للشريعة إذ بها --- أرى رغم أتعابي سعادة ذاتي

وفاته:

تراكمت الأمراض الجسدية المختلفة على السيد الهاشمي وأنهكته لسنوات عديدة، وكان طوال هذه المدة صابراً محتسباً شاكراً لله تعالى، مشتغلاً بقدر طاقته، فلم ينقطع عن التدريس بالمقدار المتيسر له إلا حين عجز تماماً عن ذلك، وانصرف إلى المطالعة والإشراف على كتبه وكتب جده، واستمر على هذا الحال إلى أن فاضت روحه إلى بارئها يوم السبت غرة صفر 1442 هـ، فتألمت النفوس لفقده ورحيله، وقد أصدر السيد السيستاني دام ظله في نفس اليوم بياناً أعرب فيه عن ألمه وأسفه لرحيل السيد الهاشمي وأثنى عليه وعلى كمالاته النفسانية، وقد صدرت تعازي أخرى من بيوت المراجع كمكتب الشيخ الصافي دام ظله وصدرت تعازي من العلماء والفضلاء.
وشُيّع في اليوم التالي، وحضر التشييع كثير من العلماء وأهل الفضل وطلاب العلم، وصلى عليه الحجة السيد محمد السعيدي، ودفن في حرم السيدة المعصومة عليها السلام.
رحم الله من يقرأ له سورة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد.

وكتب: محمد جعفر الزاكي في عام 1436هـ
وقد أضيف عليها آخر مرة مع إطلالة الذكرى الأولى لرحيل السيد في غرة صفر 1443هـ
السيد محمد هادي الميلاني
المحقق الميرزا محمد حسين الغروي النائيني