حقوق المرأة في الإسلام

 

هل أعطى الإسلام المرأة المسلمة كافة حقوقها؟

أم أن الإسلام هضم المرأة حقوقها؟ وأذلها ؟ وعاملها كسلعة أو اعتبراها مواطناً من الدرجة الثانية؟

للجواب على ذلك نقول:

أولاً: أنه ليس من الإنصاف محاكمة الإسلام بحسب القوانين الغربية التي تعتبر بعض الأمور حقوقاً للمرأة، بينما هي ربما لا تكون حقوقاً في الواقع، مثل حق المرأة في اتخاذ صديق تتعامل معه كما تتعامل مع الزوج بلا أي اختلاف.

وعليه، فلا بد أولاً من الاتفاق على أن هذا حق للمرأة، ثم نتكلم في أن الإسلام هل أعطاه للمرأة أم لا؟

وعليه فنحن نسأل كل من يزعم أن الإسلام هضم المرأة حقوقها، فنقول له: ما هو الحق الذي هو للمرأة والإسلام لم يعطه لها؟

فإذا أجاب بشيء، فإن كل شيء له جواب بخصوصه.

ثانياً: أن هناك فرقاً بيِّناً بين أحكام الإسلام وقوانينه، وبين ممارسات المسلمين التي ربما تكون ناشئة عن العادات والتقاليد التي لا يجب إلزام أي مسلمة بها.

فإن من قوانين الإسلام أن المرأة لا يجب عليها أن تتولى الخدمة في بيت زوجها، إلا أن أكثر المسلمين لا يرضون بذلك في مقام العمل، ولا يرون أن المرأة لها حق الاختيار في ذلك.

وهكذا الحال في البلاد الغربية فإن المرأة كثيراً ما تمتهن من قبل كثير من الغربيين الذين يخالفون القوانين أو يحتالون عليها رعاية لمصالحهم أو فراراً من الالتزامات المادية التي يلزمهم القانون بها.  

فإن اللازم حينئذ هو النظر إلى أحكام الإسلام وقوانينه، وعدم إدانة الإسلام بما يصدر من المسلمين من ممارسات ربما لا يقرها الإسلام، أو تتنافى مع مبادئه وقوانينه.

ثالثاً: أن الواجب هو النظر إلى قوانين الإسلام من خلال الأحكام المجمع عليها بين علماء المسلمين، أو التي وردت صريحة في القرآن الكريم والسنة المتواترة، وأما الأحكام المختلف فيها بين المسلمين أنفسهم، فلا يمكن أن يدان الإسلام بأنه لا يعطي المرأة حقوقها من خلال فتوى بعض أئمة المذاهب التي ربما يخالفه الآخرون فيها أو يخطئونه في تلك الفتوى.

رابعاً: أن كثيراً من الأحكام الشرعية لها مصالح مهمة ربما تخفى على كثير من الناس، ولهذا ربما ينتقد الكثيرون حكماً شرعيًّا، ويصفونه بأن فيه ظلم للمرأة، إلا أنهم لو اطلعوا على واقع الأمر لتبين لهم أن تشريع هذا الحكم فيه مصالح كبيرة للمرأة خاصة وللمسلمين عامة.

ولنضرب لهذا مثلاً بالحجاب، فإن الغربيين يرون أن تشريع الحجاب فيه ظلم كبير للمرأة؛ لأنها تلزم بلبس ما يعيق حركتها، ويسبب لها الضيق والحرج، مع أن الحجاب يعود بالمصلحة للمرأة أولاً، وللمجتمع المسلم ثانياً، ومن آثار ذلك أننا نجد أن حالات الاغتصاب مثلاً قليلة جدًّا في المجتمعات المسلمة، وكثيرة جدًّا في المجتمعات الغربية التي يكثر فيها العري وعرض الأجساد، وقد اطلعت على بعض المواقع الأمريكية التي بيَّنت أن أكثر نسبة اغتصاب في العالم موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذكرت أن كل امرأة من بين ست نساء في أمريكا تعرضت للاغتصاب، وهي نسبة كبيرة جدا، وأن عدد الأمريكيات اللاتي وقعن ضحية للاغتصاب حوالي 000 700 17 امرأة.

وعليه فنقول: إن كل من ينتقد التشريع الإسلامي في كل الأحكام المتعلقة بالمرأة لا بد أن يكون مطّلعا على المصالح والمفاسد الواقعية التي بها يقطع هذا المنتقِد بأن هذا التشريع الإسلامي فيه ظلم للمرأة وانتقاص من حقوقها، وإلا فإنه يحاكم الإسلام بتصورات خاطئة وبآراء لم يثبت أنها صحيحة، بل ربما تكون خاطئة ولا تصح سبباً لنقد التشريع الإسلامي.

خامساً: أن الذين يتّهمون الإسلام بأنه ظلم المرأة حقوقها يتغافلون عن الاختلافات الخَلْقية والنفسية الواضحة بين الرجل والمرأة، التي من ضمنها أن المرأة تغلب عليها العاطفة، بخلاف الرجل الذي يحكّم عقله في قضاياه الصعبة أكثر من المرأة، كما أن قوة بنية الرجل تمكِّنه من القيام بالأعمال الشاقة التي تتطلب قوة جسدية لا تستطيع المرأة أن تقوم بها، مضافاً إلى أن المرأة أكثر مثاراً للشهوة من الرجل.

كل هذه الاختلافات الواضحة بين طبيعة المرأة الجسدية والنفسية وطبيعة الرجل تتطلب قيام كل منهما بمهام ربما لا يستطيع الآخر أن يقوم بها بالنحو المطلوب، وهذا في حقيقته تعدد في الأدوار، لا تمييز وسلب حقوق، ولذلك فإن الرجل أكثر كفاءة من المرأة في قيادة الدولة وقيادة الجيش وتولي القضاء ونحو ذلك من الأمور التي لا تنسجم مع طبيعة المرأة ولا تتمكن من القيام بها بالصورة المطلوبة. 

إلا أن هؤلاء المنتقدين للإسلام يفترضون أن المرأة يجب أن تتساوى مع الرجل في جميع المجالات التي قد لا تصلح لها المرأة، كالقيادة العسكرية للجيش، وقيادة الدولة، ومنصب القضاء ونحو ذلك، وإلا فإن الإسلام لم يعط المرأة حقوقها، وهذا فهم سقيم للأمور.

نعم ربما تكون بعض النساء قادرات على قيادة الجيش وقيادة الدولة بنحو تتفوق به على كثير من الرجال، وقد ذكر التاريخ نساء تولين الحكم، ولعل بعضهن سجل نجاحاً لم يسجله كثير من الرجال، لكن هذه حالات نادرة جدًّا، والقوانين إنما توضع للحالات المتعارفة لا للحالات الشاذة، ولهذا فإنه لم تتول أي امرأة رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن القانون لا يمنع من ذلك.   

سادساً: أن الحقوق تنقسم إلى قسمين:

قسم متفق على أنه من الحقوق، وقسم آخر مختلف فيه، أم القسم الأول، فهو نوعان:

1- الحقوق الضرورية: وهي حق المرأة في الحصول على المتطلبات الأساسية للإنسان: من حفظ الكرامة، وتوفير متطلبات الحياة الضرورية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وعلاج، وأمن، وتعليم، واختيار الزوج ونحوها.

ولا شك في أن الإسلام تكفل للمرأة بجميع ذلك، وحفظ للمرأة كرامتها، وأوجب على أبيها وأبنائها القيام بتوفير كافة الاحتياجات الضرورية لها التي تحفظ لها عزتها وكرامتها، ولا تضطر إلى الخروج للعمل.

2- الحقوق الكمالية:

وهي الاحتياجات الأخرى التي يرغب فيها الإنسان، إلا أن حياته وكرامته لا تتوقفان عليها، مثل: حقها في السفر والتنزه المباح، والتعليم غير الضروري، وحقها في ممارسة الأعمال كالتجارة ونحوها.

ولعلي أقول: إن جميع هذه الحقوق تكفل بها الإسلام للمرأة، ولم يمنعها منها، إلا أن الإسلام جعل لها ضوابط وشروطاً حتى لا تتنافى مع الأحكام الشرعية الأخرى التي تضمن صيانة المرأة وحفظ كرامتها.  

وأما القسم الآخر المختلف فيه كحقها في تولي القضاء أو تولي قيادة الدولة فهو محل كلام وخلاف بين فقهاء المسلمين أنفسهم، وبينهم وبين غيرهم، فلا بد من الاتفاق أولاً على أن ما يعتبره الغربيون حقاً للمرأة هل هو حق فعلا أم لا؟

إذا اتضح ذلك يتبين أن كل ما قلناه إنما هو جواب عام على ما يزعمه بعض أعداء الإسلام من أن الإسلام انتقص المرأة ولم يعطها كامل حقوقها، وأما الجواب الخاص في كل مسألة مسألة فإنه يحتاج إلى تفصيل وإيضاح وبيان مخصوص بكل مسألة على حدة.

لأن أعداء الإسلام زعموا أن الإسلام قد ظلم المرأة في حقوقها الاجتماعية في عدة مجالات، منها:

1- أنه حرمها من تولي بعض المناصب المهمة، وجعل تلك المناصب حكراً على الرجال فقط، مثل منصب القضاء، وتولي إمامة المسلمين.

2- أنه ظلمها في الجانب الإنساني، فإنه اعتبر شهادة كل امرأتين مساوية لشهادة رجل واحد، وجعل دية المرأة مساوية لنصف دية الرجل.

3- أنه ظلمها في الجانب المادي، ولذلك لم يعطها في الميراث حصة رجل، وإنما أعطاها نصف حصته.

4- وظلمها أيضا في مجال الحرية الخاصة حيث قيدها بالحجاب دون الرجل، وجعل الرجال لهم ولاية على النساء، فلم يجوز للمرأة أن تتزوج أو تسافر إلا بإذن وليها من الرجال.

5- أنه ظلمها في جانب الحياة الشخصية، حيث جوز للرجل أن يتزوج بأربع زوجات، ولم يجوز للمرأة أن تتزوج بأكثر من رجل واحد في نفس الوقت.

وكل هذه الإشكالات أجاب عليها علماء المسلمون بما لا مزيد عليه، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب المعدة لذلك.  

يمكنك مشاهدة هذه المحاضرة على الرابط التالي:

http://www.youtube.com/watch?v=jg8baVPEDP4