الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (57 - 114هـ)

 

هو الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، كنيته أبو جعفر، ولُقِّب بالباقر لتبقّره في العلم أي تبحّره فيه.

أمّه هي أم عبد الله فاطمة بنت الإمام الحسن السبط عليه السلام، فهو هاشمي من هاشميين، وأول علوي من علويين.

وُلد في غرة رجب أو في الثالث من صفر من سنة سبع وخمسين من الهجرة في المدينة المنورة، وقبض فيها في ذي الحجة سنة أربع عشرة ومائة، وله من العمر سبع وخمسون سنة. (إعلام الورى بأعلام الهدى: 259. راجع الكافي 1/469. الإرشاد 2/158).

وكان عمره لما قتل جدّه الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء أربع سنين، وتولى الإمامة بعد أبيه الإمام زين العابدين عليه السلام وعمره تسع وثلاثون سنة، وكانت مدة إمامته ثماني عشرة سنة.

عاصره من خلفاء بني أمية: الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وتوفي في أيام ملك هشام بن عبد الملك.

كان سيّد أهل البيت في عصره، علماً، وتقوى، وورعاً، وجلالة وهيبة، نشر علوم آبائه الطاهرين، وبثها في شيعته ومحبّيه، وقد روى عنه الشيعة آلاف الروايات في العقيدة والفقه والآداب والمستحبات والأخلاق والتفسير وغيرها، وأقر بإمامته وجلالته المؤالف والمخالف.

له سبعة أولاد، أجلهم وأعظمهم ابنه الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، وبه يكنَّى، وعبد الله بن محمد، وأمهما أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وإبراهيم وعبيد الله، وعلي، وزينب، وأم سلمة، وقيل: إن للإمام الباقر عليه السلام بنتاً واحدة فقط، هي زينب التي تكنى بأم سلمة.

له قبر معروف في البقيع بالمدينة المنورة بجانب قبر أبيه الإمام زين العابدين عليه السلام، وقبر عمّه الإمام الحسن عليه السلام، وقبر ابنه الإمام جعفر الصادق عليه السلام، وقبر جدّته فاطمة بنت أسد عليها السلام، فما أعظم وأجل هذه البقعة الشريفة عند الله تعالى.    

بعض ما قيل في الثناء عليه:

قال الذهبي: أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، الإمام الثبت الهاشمي العلوي المدني، أحد الأعلام... وكان سيّد بني هاشم في زمانه، اشتهر بالباقر من قولهم: «بَقَرَ العلم» يعني: شَقَّهُ فعلم أصله وخَفيَّه. وقيل: إنه كان يصلي في اليوم والليلة مائة وخمسين ركعة، وعدّه النسائي وغيره من فقهاء التابعين في المدينة. (تذكرة الحفاظ 1/124).

وقال: وكان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدد والشرف والثقة والرزانة، وكان أهلاً للخلافة، وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تبجّلهم الشيعة الإمامية، وتقول بعصمتهم ومعرفتهم بجميع الدين...

وقال: وشُهر أبو جعفر بالباقر مِنْ: بَقَرَ العلم، أي شقَّه، فعرف أصله وخفيَّه، ولقد كان أبو جعفر إماماً، مجتهداً، تالياً لكتاب الله، كبير الشأن... (سير أعلام النبلاء 4/402).

ثم قال: وقد عدّه النسائي وغيره من فقهاء التابعين بالمدينة، واتّفق الحفّاظ على الاحتجاج بأبي جعفر. (نفس المصدر 4/403).

وعن سلمة بن كهيل في قوله: (لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِيْنَ) [الحجر: 75]، قال: كان أبو جعفر منهم. (نفس المصدر 4/405).

وقال ابن سعد: وكان ثقة، كثير العلم والحديث. (الطبقات الكبرى 5/324).

وقال العجلي: مدني، تابعي، ثقة. (تاريخ الثقات: 410. تهذيب التهذيب 9/312).

وقال ابن البرقي: كان فقيهاً، فاضلاً. (تهذيب التهذيب 9/312).

وقال الزبير بن بكار: كان يقال لمحمد: «باقر العلم». (نفس المصدر 9/313).

وقال محمد بن المنكدر: ما رأيت أحداً يفضل على علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمداً، أردت يوماً أن أعظه فوعظني. (نفس المصدر 9/313).

وقال النووي: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، القرشي الهاشمي المدني، أبو جعفر المعروف بالباقر، سُمّي بذلك لأنه بقر العلم، أي شقّه، فعرف أصله وعلم خفيّه... وهو تابعي جليل إمام بارع مجمع على جلالته، معدود في فقهاء المدينة وأئمتهم. (تهذيب الأسماء واللغات 1/87).

وقال السيوطي: وثّقه الزهري وغيره، وذكره النسائي في فقهاء التابعين من أهل المدينة. (طبقات الحفاظ: 56).

وقال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحدٍ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحكَم عنده كأنه متعلِّم. (حلية الأولياء 3/186. صفة الصفوة 2/110. البداية والنهاية 9/323).

وقال ابن كثير: وهو تابعي جليل، كبير القدر كثيراً، أحد أعلام هذه الأمة علماً وعملاً وسيادة وشرفاً.

وقال: وسمّي الباقر لبقْره العلوم واستنباطه الحكم، كان ذاكراً خاشعاً صابراً، وكان من سلالة النبوة، رفيع النسب عالي الحسب، وكان عارفاً بالخطرات، كثير البكاء والعبرات، معرِضاً عن الجدال والخصومات. (البداية والنهاية 9/321).

وقال ابن خلكان: كان الباقر عالماً سيِّداً كبيراً، وإنما قيل له (الباقر) لأنه تبقَّر في العلم أي توسَّع، والتبقّر: التوسّع. وفيه يقول الشاعر:

يا باقِرَ العلمِ لأهلِ التقى       وخيرَ مَن لبَّى على الأَجْبُلِ

                                                                                                              (وفيات الأعيان 4/174).

وقال ابن تيمية: أبو جعفر محمد بن علي من خيار أهل العلم والدين، وقيل: إنما سُمي «الباقر» لأنه بقر العلم. (منهاج السنة 2/123).

وقال الشبراوي: وله [يعني زين العابدين عليه السلام] من الأولاد خمسة عشر ما بين ذكر وأنثى، أجلّهم وأفضلهم، بل أشرف آل البيت، وأنبلهم، وأعزّهم، وأكملهم، الخامس من الأئمة: محمد الباقر بن علي زين العابدين... ولُقّب بالباقر لبقره العلم، يقال: بقر الشيء: فجَّره. سارت بذكر علومه الأخبار، وأُنشدت في مدائحه الأشعار. (الإتحاف بحب الأشراف: 143).

وقال: ومناقبه رضي الله عنه باقية على ممر الأيام، وفضائله قد شهد بها الخاص والعام.(نفس المصدر: 145).