آداب زيارة الرسول (صلى الله عليه و آله)

مسجد إبراهيم الخليل (ع) بسيهات

:قال تعالى

) وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً(  [النساء: 64].

 

 çسبب نزول الآية:

إن قوماً من المنافقين اصطلحوا على كيد في حق الرسول ، ثم دخلوا عليه لأجل ذلك الغرض، فأتاه جبريل فأخبره به، فقال : إن قوماً دخلوا يريدون أمراً لا ينالونه، فليقوموا وليستغفروا الله حتى أستغفر لهم. فلم يقوموا، فقال: ألا تقومون؟ فلم يفعلوا فقال : قم يا فلان، قم يا فلان، حتى عد أثني عشر رجلاً منهم، فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا أنفسنا فاستغفر لنا، فقال: الآن اخرجوا، أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار، وكان الله أقرب إلى الإجابة اخرجوا عني. (التفسير الكبير 9/162).

 

çهذه الآية تدل على أمور:

 

1-  أن الآية تدل على أن من أشارت لهم الآية لم تحصل منهم التوبة، ولم يتب الله عليهم، وهذا ينقض نظرية عدالة الصحابة جميعاً. لأن كلمة (لو) تسمى حرف امتناع لامتناع، كقولنا: (لو جاءني زيد لأكرمته)، فإنه يدل على أن زيداً لم يأت، فلم يتحقق إكرامه. امتنع الإكرام لامتناع المجيء. والآية تدل على أن من أشير إليهم في الآية الذين ظلموا أنفسهم، لم يأتوا إلى الرسول ، وهذا ينقض نظرية عدالة الصحابة، لأن جمعا أشارت لهم الآية لم يتب الله عليهم.

 2-    وجوب تدارك الذنوب بالتوبة، وأن بعض الذنوب لا يتوب الله عنها إلا بالاستغفار وبالتوسل برسول الله .

  3-  أنه لا محذور في شد الرحال إلى النبي ، والآية مطلقة تدل على وجوب المجيء إلى رسول الله حيا وميتا، ولولا ذلك لكانت هذه الآية خاصة بمن نزلت الآية فيهم ولا فائدة فيها بعدهم.

وما روي عن رسول الله أنه قال: (لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى)، فمع التسليم بصحته يراد به النهي عن شد الرحال لمسجد إلا لهذه المساجد الثلاثة، لعدم الفائدة في شد الرحال إلى أي مسجد آخر، لأن كل المساجد الأخرى ما عدا هذه المساجد ثوابها متقارب، ويمكن تحصيل الثواب بالصلاة في مسجد مشابه في البلد من دون حاجة إلى شد الرحال. وهذا الحديث لو صحَّ فإنه يدل على فضل هذه المساجد، وكثرة ثواب الصلاة فيها لا أكثر.

وإلا لما جاز شد الرحال إلى طلب عبادة ـ أو إلى العلم ـ أو إلى التجارة ـ أو إلى العلاج ـ أو إلى صلة رحم أو ما شاكل ذلك، وهذا مما أجمع المسلمون على بطلانه.

4-    قوله: (جاؤوك) يدل على أن المجيء إنما هو لرسول الله ، لا لشيء آخر، بحيث يكون المجيء لرسول الله ، وعلى من يريد المجيء إلى رسول الله أن يتأدب بالآداب التي وردت في روايات أهل البيت عليهم السلام.

فقد روى الكليني في الكافي بسند صحيح عن أبي عبد الله قال: إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها، ثم تأتي قبر النبي ، ثم تقوم فتسلم على رسول الله ، ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر وأنت مستقبلُ القبلة، ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر، ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر، فإنه موضع رأس رسول الله وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله [مخلصا] حتى أتاك اليقين، بالحكمة والموعظة الحسنة، (وأديت الذي عليك من الحق، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين، وغلظت على الكافرين، فبلغ الله بك أفضل شرف محل المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة، اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك الصالحين وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ومن سبح لك يا رب العالمين، من الأولين والآخرين على محمد عبدك، ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك ، اللهم أعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم إنك قلت: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي، وإني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي. وإن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبي خلف كتفيك، واستقبل القبلة، وارفع يديك، واسأل حاجتك، فإنك أحرى إن تقضى إن شاء الله .

 

çمن آداب الزيارة:

 

1-    أهمها تقوى الله تعالى.

 

2-    الاهتمام بالزيارة، وعدم التشاغل عنها بالأسواق وغيرها.

 

3-    الإقبال على رسول الله حال الزيارة، والاعتقاد بأنك الآن تخاطبه، وأنه يسمع كلامك، ويرد عليك سلامك، وعليك أن تخاطبه صادقا مخلصا، لا أن تقرأ الزيارة لقلقة لسان وقلبك متشاغل عنه بأمور الدنيا.





4-  مراعاة الآداب العامة هناك، فإن أهل البيت أمروا الشيعة أن يكونوا زينا لهم، ولا يكونوا شينا عليهم. ولا بد أن يعلم الشيعة أنهم ليسوا في بلدهم، وعليهم أن يتجنبوا ما يستفز أهل السنة هناك، أو يثير حفيظتهم، لئلا يحدث التصادم معهم.

5-  عدم التصادم مع قوات الأمن أو الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن حصلت إساءات شخصية من بعضهم، وعلى كل من أسيء إليه أن يتقدم بشكواه للجهات المختصة، فليس كل تصرف سيئ ترضى به أجهزة الدولة، وأما التحريض العام وإثارة الفوضى فهو يسيء إلى الشيعة ويضرهم، ولا يحقق شيئا من مطالبهم، بل يجعل المسيء للشيعة يفلت من طائلة العقاب أو المحاسبة.