نص المناظرة بين الشيخ علي آل محسن والدكتور محمد البراك

نص المناظرة بين الشيخ علي آل محسن والشيخ الدكتور محمد البراك

في يوم الثلاثاء 25 صفر 1431هـ الموافق 9/2/2010هـ


الشيخ محمد البراك:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا من فضلك وكرمك علماً يا رب العالمين، أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من طلاب الحق ومن الداعين إليه ومن المدافعين عنه، وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي على أيدينا من يريد الحق، وأن يجري الحق على ألسنتنا، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، أقول: هذه مناظرة في الحقيقة في هذه الليلة المباركة التي أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون نافعة ومفيدة، وأن نبين فيها ما التبس من الحق على البعض، الغاية منها هو بيان عقيدة أهل البيت عليهم السلام، وكذلك أيضاً امتثال لوصية النبي صلى الله عليه وسلم حين قال كما في الحديث الذي رواه مسلم، قال: (أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)، فالنبي عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أوصى بأهل بيته، ونحن أقول نلتزم بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، ونسعى جاهدين إلى أن ندافع عن آل البيت، لأنه قد نُسب إلى آل البيت عقائد وأخلاق وكلام لم يثبت عنهم، ولم يُعرفوا به، فلذلك واجب كل مسلم أن يبين الحقيقة، وهذا من الموالاة لآل البيت؛ لأن كثيراً من الناس قد يدعي الموالاة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعي محبتهم، ويدعي متابعتهم، ولكن الأقوال تصدقها الأفعال، فالدعوى من غير دليل لا قيمة لها ولا وزن لها، وطبعاً الكلام لا قيمة له إن لم يكن بأدلة واضحة جلية ليس فيها إشكال ولا غموض، أدلة تقوم بها الحجة، لأن هذا الدين دين الإسلام يقوم على الأدلة، ولا يقوم على الشبهات والظنون، وإنما يقوم على الأدلة الواضحة البينة التي لا يكون للمخالف فيها حجة يحتج بها بين يدي الله سبحانه وتعالى، وهذا من فضل الله عز وجل ومن رحمته بعباده سبحانه وتعالى أنه حين كلفهم وحين أمرهم أقام الحجج والبراهين، الحجج والبراهين الواضحة الظاهرة البينة التي ليس فيها إشكال، ولذلك وصف الله سبحانه وتعالى القرآن، بأوصاف تدل على هذا الأمر: (ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين... (حم والكتاب المبين..) فهو بيِّن مبين للحق، وليس فقط مبين أنه بين في ألفاظه ولمن قرأه، بل أنه بين الحق، ويرد الباطل، ويقيم الحجة على العباد، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ)، وقال سبحانه وتعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه)، لماذا؟ لأن القرآن هو كلام الله سبحانه وتعالى، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قد بين العقائد الصحيحة الواضحة البينة التي من لم يأخذ بها فليس من الناجين، بل هو من الهالكين، فنحن أيها الأخوة في هذه الليلة، أقول: لا نتعصب لأقوال الأشخاص ولا للمذاهب، وإنما ندعو إلى الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله في حقه: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) والذي بلغ الدين كله وما ترك شيئا من الدين إلا بلغه ولذلك قال سبحانه وتعالى في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر الله عز وجل حين قال له: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) والنبي قد بلغ البلاغ المبين ووضحه غاية الوضوح وقامت به الحجة على عباد الله سبحانه وتعالى كلهم ونحن ولذلك في هذه الليلة نبين الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حينما بلغ هذا الدين لكل الناس ونقله عنه عشرات الآلاف من أصحابه رضوان الله تعالى عنهم ومنهم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، آل بيت النبي ممن نقل الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم وممن فهم هذا الدين الفهم الصحيح وبلغه إلى الناس، ولذلك أقول لا تقوم الحجة لأحد ولا يعتد بكلامه إلا إن نسب إلى آل البيت قولاً ثبت عنهم بالأدلة الصحيحة الصريحة الواضحة التي لا إشكال فيها وليس أقول عن طريق الظنون والأوهام والاحتمالات وتأويل الكلام وتفسيره بتفسيرات لا يمكن أن تثبت ولا أن تصح عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك أقول هذا الحق الذي بينه آل البيت وعلى رأسهم الإمام علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، إمام من أئمة المسلمين وهذا نتفق عليه أهل السنة وكذلك يقول به الشيعة، أن علياً رضي الله تعالى عنه إمام من أئمة المسلمين الذين أمرنا بإتباعهم وهو كذلك من السابقين للإسلام رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ننظر في عقيدة هذا الإمام في عقيدته في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، هل هذه العقيدة، هل هي أقول كما يقول أهل السنة عن علي أنه قد والاهما وأحبهما وتعاون معهما وترضى عنهما، أم أنه كما يقول الشيعة قد كفرهما وقد ضللهما وقد حكم عليهما بالنار، أقول هذا ما سيتبين خلال هذه المناظرة ونحن أهل السنة نقول بأن عليا رضي الله تعالى عنه إمام هدى وإمام ينبغي على المسلمين أن يتبعوه لأنه ممن دخل في قول الله سبحانه وتعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان).
فهو ممن أقول ممن اتبعه فإنه ممن رضي الله سبحانه تعالى عنه، ننظر في عقيدته في هذين الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، فتتبين لنا هذه العقيدة من خلال أقول ما ينقل وما يتبين من الأدلة، نحن أقول نسمع الحقيقة من كلام الشيعة من علمائهم المعاصرين وكذلك في كتب الشيعة نسمع خلاف ما ثبت عن علي رضي الله تعالى عنه، نسمع اللعن للشيخين، لأبي بكر وعمر، نسمع التكفير للشيخين رضي الله تعالى عنهما، وهذا أقول فيه استفزاز لمشاعر أكثر من مليار مسلم، الأستاذ رفيق في هذه المداخلة قال ينبغي أن تحترم الرموز وأن لا يُتكلم ويقدح في الرموز نقول: أيضاً من رموز الإسلام الذين يتفق عليهم المسلمون أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، أكثر من مليار مسلم على وجه الأرض كلهم يرون أن أبا بكر وعمر هم أفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، فأي كلمة وأي قدح فيهما نقول ففيه استفزاز لمشاعر أكثر من مليار مسلم، طيب أقول هذا القدح نحن نريد أن نزيل هذا القدح ونريد أن نجمع الكلمة على الحق وأن نتفق على كلمة سواء، فنريد أن تجتمع الكلمة على الحق وأن يُبين للناس حقيقة الأمر، ما هو موقف هذا الإمام العظيم هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه من هذين الشيخين؟ أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، هل هو الموالاة والمحبة والمودة والتعاون أم أنه بضد ذلك التكفير والتضليل واللعن والحكم عليهما بالنار والترغيب في ذلك أقول: هذا ما سيتبين إن شاء الله تعالى في هذه الليلة، وأقول:

أولاً أعاهد الله سبحانه وتعالى أن أقول ما أعتقد أنه الحق الذي ينفعني بين يدي الله سبحانه وتعالى، ألا أتعصب لأحد كائنا من كان وأن أقول كلمة الحق التي أعتقد وأجزم أنها تنفعني بين يدي الله سبحانه وتعالى وإن تبين لي أن الحق فيما يقوله الشيخ علي آل محسن أن لا أتردد في قبوله والأخذ به والدعوة إليه، فهذا عهد أعاهد الله سبحانه وتعالى به ويسمعه الذين يستمعون إلى هذه المناظرة في الغرف السنية والشيعية أن يكون الحق هو غايتنا ومطلبنا والذي نسعى إليه ونجتهد إليه وندعو إليه ونرغب فيه فأقول وأرجو إن شاء الله أن يكون هذا أيضاً ما يقوله الشيخ علي وما يهدف إليه في هذه المناظرة والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


الشيخ علي آل محسن:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وحبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، السلام عليكم إخواني جميعا في هذه الغرفة المباركة، السلام على الشيخ الدكتور محمد البراك، السلام على جميع الإخوة الذين يستمعون في الغرف كافة السنية والشيعية، قبل أن نبدأ، طبعاً كان في ذهني أنني أذكر معايير الحوار الذي سيبدأ حتى لا نختلف بعد ذلك، ما قاله الشيخ محمد البراك يعني هذا يتعلق بالحوار، أنا أريد أن أذكر أولاً معايير الحوار ما هي، إن شاء الله حتى تكون واضحة ويكون كل محاور يعرف ما له وما عليه ونرجع لها إذا كان هناك حصل أي تجاوز من أي واحد من المتحاورين.

أولاً: على كل محاور أن يعاهد الله تعالى أمام الجميع على أن يتبع الحق، فإن الحق أحق أن يتبع وألا يجامل بالباطل ولا ينكر ما ثبت بالدليل عناداً ومكابرة وليعلم الجميع كل من في الغرف لا بد أن يتبين لهم ويعرفوا أن هزيمة كل طرف لا يدل بأي دلالة على هزيمة مذهبه؛ لأن كل واحد من الطرفين لا يمثل مذهبه، وإنما يمثل نفسه.
النقطة الثانية: أنه كل طرف لا بد أن يحتج بالحديث الصحيح دون غير الصحيح، أنا لما أريد أن احتج على الشيخ محمد البراك أحتج عليه بما هو صحيح عنده، هو لما يريد أن يحتج علي لا بد أن يحتج علي بما هو صحيح عندي لأننا إذا دخلنا في مسألة الاحتجاج بكل حديث لا نصل إلى نتيجة لأن كل طرف عنده أو هناك في أحاديث السنة والشيعة أحاديث كثيرة ضعيفة وأنا لا ألتزم بكل حديث ضعيف ورد في كتبي، فكيف ألزم به، وكذلك الشيخ محمد البراك لا يلتزم بكل حديث ضعيف ورد في كتبه فكيف ألزمه بها.

ثالثاً: المعيار في تصحيح الأحاديث الشيعية وفي تضعيف الأحاديث الشيعية، هو الضوابط المعروفة عند علماء الشيعة، هذه الضوابط التي هي مشهورة عندهم، كذلك المعيار في تصحيح الأحاديث السنية، لا بد أن يكون المعايير المعروفة عند علماء أهل السنة ولذلك لا يجوز لأي محاور أن يضعف حديثاً مروياً في كتب الطرف الآخر بمعاييره هو، أنا لا أقول إن هذا ضعيف وهو موجود في البخاري أو أقول هو ضعيف وهو موجود في مسلم، لأن الطرف الآخر يعتقد بصحة أحاديث البخاري ومسلم.

النقطة الرابعة : أنه إذا كان لواحد من الحفاظ أو العلماء المعروفين من السنة أو من الشيعة تصحيح أو تضعيف للحديث، لا يعارضه تصحيح حافظ أو عالم آخر بمستواه، فهذا هو الذي نعول عليه، ولا يجوز للمحاور أن يخالف ما قاله الحفاظ من مذهبه أو العلماء من مذهبه إلا إذا كان الذي صحح الحديث له مبنى في التصحيح والتضعيف مخالف للمعروف عند علماء مذهبه.

النقطة الخامسة : أقوال العلماء الآخرين التي هي ناشئة عن استنباطاتهم واجتهاداتهم، كما قال الشيخ الدكتور البراك هذه لا تكون حجة لطرف على الطرف الآخر، لأن أقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها إلا كما قلنا في التصحيح والتضعيف لأنه صدر من حفاظ الحديث ومن العلماء الكبار الذين يعول عليهم في التصحيح والتضعيف.

النقطة السادسة : هي أنه يلزم كل طرف ألا يخرج عن نقطة الحوار إلى نقاط خلافية أخرى ومتى ما خرج المحاور إلى نقطة أخرى فإنه لا يلزم المحاور الآخر أن يجيب على تلك النقطة لأنها خارج نقطة الحوار.

أيضا الإخوان ذكروا أنه أي واحد من في الغرفة لا يتدخل في مادة الحوار، فلو أنني خرجت عن نقطة الحوار، لا يجوز لأي واحد من الإخوان المتواجدين الآن في هذه الغرفة الخاصة أن يقول هذا خروج أو يقطع أو يأخذ مني المايك أو من الشيخ المايك، على الطرف الآخر هو الذي يقول له هذه خارج نقطة الحوار، وظيفة الإخوان هو التنسيق في الوقت وغير ذلك طبيعي انه إن شاء الله كما رأيت أن الشيخ الدكتور محمد البراك كله خلق وأدب ونحن إن شاء الله سيكون حوارنا فيه التزام بآداب الحوار، لا ينبغي لطرف أن يتهجم على الطرف الآخر بأي نحو، لا ينبغي لطرف أن يستخدم الألفاظ المهينة للطرف الآخر، أو المهينة لمذهبه أو علماء مذهبه، هذه معايير الحوار التي أنا أذكرها لا أدري ماذا يعلق فضيلة الشيخ الدكتور محمد البراك، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الشيخ محمد البراك:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
نتفق مع ما ذكره الشيخ من النقاط التي أوردها وأؤكد على ما بدأ به حديثه، في أن الإنسان منا يلتزم بالحق ويدعو إلى الحق وأن لا يتعصب لقول أحد كائناً من كان، أنا أقول قد عاهدت الله سبحانه وتعالى على ذلك والله عز وجل على ما أقول شهيد إن تبين لي الحق ألا أجامل فيه أحد وأن أدعو إليه وأن أتمسك به والإنسان منا   ومن المستمعين، العاقل هو الذي يبحث عن نجاته بين يدي الله سبحانه وتعالى، يعلم أنه سيقف بين يدي الله وسيسأل عن اعتقاده الذي كان عليه، فإن كان حقاً فليبشر بالنجاة وإن كان باطلاً فلأقل يتحمل تبعة ذلك، أقول أيضاً ذكر الشيخ بالنسبة لتصحيح الحديث وتضعيفه نقول أيضاً من الأمور التي ينبغي أن نلتزم بها، أن الأحاديث التي تصح، والنقول أن نأخذها أقول على ظاهرها، فلا نقول أن هذا الكلام يراد به التقية وأن القائل له أراد به معنى آخر ونؤول كلام المتكلم وخصوصاً الأئمة الكبار وعلى رأسهم الإمام علي رضي الله تعالى عنه، إن أولت كلام علي رضي الله عنه فيجب عليك أن تستدل لهذا التأويل، أن تستدل له من كلام علي رضي الله عنه لأن علي يخاطب العقلاء وعندئذ فإن كلامه يؤخذ على ظاهره كما يفهمه أهل اللغة الذين يتحدث إليهم علي رضي الله تعالى عنه، وهو من سادة الفصحاء البلغاء رضي الله تعالى عنه وأرضاه. نعم، فأقول هذا إن شاء الله تعالى من حيث المبدأ أقول نحن إن شاء الله تعالى متفقون وبإذن الله عز وجل يعني أؤمل أن تحقق هذه المناظرة الفائدة المرجوة منها، وأسأل الله عز وجل لي وللشيخ علي آل محسن التوفيق لقول كلمة الحق والدعوة إليه وأسأله سبحانه وتعالى أن يهدي بنا من التبس عليه الأمر وان نكون من أهل الحق ومن الدعاة إليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ما قاله الشيخ حفظه الله، من أنه لا نحمل الأحاديث على غير ظاهرها   وهذا طبعا كلام صحيح أتفق معه على ذلك، المعاهدة، أنا أيضا أعاهد الله سبحانه  وتعالى على أن لا أقول إلا الحق وإذا ما بلغني الحق فأنا أقبله، حتى لو كان مخالف لما كنت أعتقد به وقام الدليل على شيء وتبين لي انه هو الحق فأنا أعاهد الله على قبوله.

هناك كلام سابق نحن تكلمنا مع فضيلة الشيخ الدكتور محمد البراك حول الكتابة الحوار الكتابي ويظهر أن الشيخ لا يزال رافض لهذه الفكرة لكن المسألة التي ربما تكون أهم، نحن طلبنا من الشيخ أن يسقط التحدي الذي هو مثبت في المنتديات، التحدي للشيعة وأردنا أن يكون الحوار ليس متسماً بهذه الصفة، حتى يكون أبعد عن التشنج ويكون أبعد عن الإثارة، لكن الآن أريد أن اسمع من فضيلة الشيخ، هل أنه يسقط التحدي، وكما قلنا لا نزال لم نبدأ في الحوار، وإسقاطه للتحدي لا يعد ضعفا وإنما هي بادرة طيبة وأخلاقية منه حتى تكون لغة التحدي غير موجودة إن شاء الله.

الشيخ محمد البراك:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أقول: أنا أؤكد للجميع، إن التحدي ليس مقصوداً به الاستفزاز، وإنما هو حفز للهمم للتدبر والقراءة والرجوع إلى الكتب وإلى كتاب الله سبحانه وتعالى وإلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى أيضا ما ثبت عن أئمة آل البيت عليهم السلام، أنا أقول: ليس المقصود بهذا التحدي الاستفزاز ولا أريد استفزاز الشيعة والله إني أريد للشيعة الخير وأريد لهم الهداية وأريد لهم الجنة. أقول: والله غايتي من هذا هو الرحمة بالمخالفين وإرادة الخير لهم، وقد قلت ورددت مرات: نحن طلاب حق ونريد الحق، ولذلك نريد أن ندعو الناس للحق بأي أسلوب كان وهذا التحدي ما طرحته إلا حينما حاولت وبذلت جهود لأجل أن أجد شيعياً يحاورني في قضية إتباع الشيعة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وطلبت ذلك مرات حينما لم أجد طرحت وكتبت هذا التحدي، فأقول إن تحققت الغاية، وجد الحوار مع مشايخ الشيعة وأقول هذا التحدي ليس ذا بال بالنسبة لي وأمره ليس بالأهمية بحيث إنني أتمسك به وأتشبث به، القضية هي وهدفها حفز الهمم للتدبر لأني أجد بعض الشيعة الذين لا يرجعون إلى الكتب ولا يرجعون للقرآن وخصوصا طبعا العوام من الشيعة وإنما يقلدون من يعتقدون علمه وإمامته فيأخذون بكلامه وإن طلب منهم الرجوع للكتب ولكتاب الله عز وجل لم يفعلوا ذلك فأقول هذا هو غاية هذا التحدي وهدفه إذن هدف نبيل، كما يضع بعض الناس مثلا جائزة لمن يرى انه مثلاً أو يحاول أن يحفزه لكي يقرأ أو لكي يطلع أو لكي يعمل، أقول هذه هي غاية هذا التحدي، ولذلك أنا أقول في هذه الليلة أقول لا يعنيني أمر التحدي شيئاً وإنما الذي يعنيني هو الحوار والوصول إلى الحق وبيان الحق من الطرفين. فهذا الذي يعني وأسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، إذن بما أن فضيلة الشيخ الدكتور محمد البراك لم يسقط التحدي فإذن على ما هو عليه، ولا مانع لدينا، وإن شاء الله نبدأ الحوار، ومتى ما تمكنا من إثبات عقيدة واحدة أخذها الشيعة عن أهل البيت سلام الله عليهم، فيكون التحدي ساقط، وقد استطاع بذلك الشيعة أن يجيبوا على ما طرحه الشيخ البراك وعلى هذا الأساس إن شاء الله نبدأ في المحاورة ببركة الله تعالى، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


بداية المناظرة

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، كان الكلام الذي حصل الاتفاق عليه، هو رأي أهل البيت أو رأي علي بن أبي طالب في الشيخين وأنا سألت الشيخ الدكتور محمد البراك: رأي علي بن أبي طالب في الشيخين في شخصهما أو في خلافتهما، فالدكتور قال مطلقاً أعم، سواء هذا أو هذا، وأنا أختار أن يكون الحوار في رأي علي بن أبي طالب في خلافة أبي بكر وعمر، والذي تذهب إليه الشيعة، أن علي بن أبي طالب لم يرتض خلافة أبي بكر وعمر، رفض خلافة أبي بكر وعمر، ولم يبايع أبا بكر وعمر، وهذا مروي في صحيح البخاري في حديث عائشة حديث طويل قالت فيه عائشة: فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ـ يعني في قضية حقها في فدك ـ فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر ـ يعني لم يخبر بذلك أبا بكر ـ وصلى عليها، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ـ يعني أنه كان لعلي احترام بسبب فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ـ يعني ما وجد له احترام عندهم ـ فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر.

فإذن علي بن أبي طالب ستة أشهر لم يبايع أبا بكر، وأيضاً ذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة في المجلد الثاني صفحة 68، بسنده عن عبيد بن حنين قال حدثني الحسين بن علي قال: أتيت عمر وهو يخطب على المنبر، فصعدت إليه، فقلت: انزل عن منبر أبي واذهب لمنبر أبيك، هذا الكلام الحسين يقوله لعمر، فقال عمر: لم يكن لأبي منبر، وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله، فقال لي من علمك؟ فقلت له: والله ما علمني أحد ـ يعني هذا هو رأيي.

قال ابن حجر سنده صحيح، وهو عند الخطيب، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: سنده صحيح.

نفس هذه القضية مروية أيضاً عن الإمام الحسن سلام الله عليه أنه أيضاً رأى أبا بكر كما رواه ابن عساكر بسنده عن عروة أن أبا بكر خطب يوماً، فجاء الحسن، فصعد إليه المنبر، فقال: انزل عن منبر أبي.

ولكن هذا الحديث الأخير أنا لا أحتج به؛ لأنه لم أجد بحسب بحثي من صححه      ولعل هناك من صححه.

إذن حاصل الكلام أن علي بن أبي طالب رفض خلافة أبا بكر، وفاطمة كذلك بهذا الحديث، لأنها وجدت على أبي بكر وهجرته، ولم تكلمه حتى توفيت، ورفضت ما حكمه في مسألة فدك، وأيضاً الإمام الحسين رفض خلافة عمر.

ربما يقال إن الإمام الحسين طفل ولكن عمر فهم هذا المعنى، قال: من علمك؟ قال: ما علمني أحد. واضح أن هذه هي كانت ثقافة البيت العلوي في ذلك الوقت، وبالنسبة إلى عدم بيعة أمير المؤمنين سلام الله عليه ذكرها جملة من الحفاظ وشراح هذا الحديث والكثير منهم ذكروا أن علي بن أبي طالب لم يبايع ستة أشهر.

الشيخ محمد البراك :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أقول: بالنسبة للحديث الذي ذكرته وهو في صحيح البخاري وهو حديث واحد، وأخذت منه جزءاً وتركت بقية هذا الحديث، أولاً أن عليا رضي الله تعالى عنه كما يتضح في هذا الحديث وهو حديث طويل لن أقرأه لكن أقرأ موضع الشاهد منه، قال: فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا... موضع الشاهد أن هذا الحديث فيه انه لم يبايع ستة أشهر، ولكنه فيما بعد بايع بعد ستة أشهر، مبايعته وإن تأخرت، فإنها تعتبر حجة لأنك احتججت بهذا الحديث، لأن عليا رضي الله تعالى عنه في هذا الحديث قال كما جاء في الرواية قال: فتشهد علي فقال: إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيباً حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده... إلى آخره، فقال علي رضي الله عنه لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر، ثم استغفر وتشهد علي فعظم حق أبي بكر وحدث انه لم يحمله على الذي صنع نفاسه على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكن قال: نرى لنا في هذا الأمر نصيبا، فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا.. أي في المشاورة، علي رضي الله عنه، ثم أيضاً هذه المبايعة التي تنفيها اعترف بها علماء الشيعة وكبار علماء الشيعة، فهذا الشيخ كاشف الغطا في أصل الشيعة وأصولها في 193 إلى 196 يقول: ,حين رأى أي علي رضي الله عنه ـ أن المتخلفين اعني الخليفة الأول والثاني بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد، وتجهيز الجنود، وتوسيع الفتوح ولم يستأثروا ولم يستبدوا، قال: بايع وسالم، فهذا اعتراف من هذا العالم الشيعي أنه قد بايع علي رضي الله تعالى عنه   وأيضا في موضع آخر في صفحة 222 قال: وزد على ذلك أنه رأى الرجل الذي تخلف على المسلمين أي أبي بكر الصديق رضي الله عنه قد نصح للإسلام وصار يبذل جهده في قوته وإعزازه وبسط رايته على البسيطة وهذا أقصى ما يتوخاه أمير المؤمنين من الخلافة والإمرة، فمن ذلك كله تابع وبايع حين رأى أن في ذلك مصلحة الإسلام إلخ..

فهذا اعتراف لهذا العالم بأن عليا رضي الله عنه أولا رأى إن أبا بكر قد قام بأمر الإسلام والدعوة إليه، ثم بعد ذلك بايع لما رأى هذا الأمر قد استتب، لكن أقول لماذا ليس الأمر الأهم من الخلافة، الخلافة أدلتها كثيرة، أقول: القضية نحن نريد جمع كلمة المسلمين، نريد التأليف بين قلوبهم، نريد عدم إثارة الضغائن والبغضاء والشحناء وذلك بنفي وبالنهي كل ما يثير هذه الأمور، ومنها السؤال الذي يطرحه كل سني: هل الشيعة الآن يجيزون لعن الشيخين لعدم المبايعة أو للمبايعة، هل يجيزون الدعاء بدعاء صنمي قريش، هذا هو الأمر المهم الذي في غاية الأهمية، يعني هذه الخلافة هل لقضية بس مجرد الخلاف في الخلافة فقط، كما يقول الزيدية أيضا، لأن الزيدية يقولون: إن عليا أفضل من أبي بكر ولكنهم يرون صحة خلافته. نقول هذا السؤال في غاية الأهمية، وبحاجة إلى الرد عليه وبيانه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، أولاً: الحديث دل على أن أمير المؤمنين لم يبايع ستة أشهر، أنا ما بترت الحديث، لأنه أردت أن آخذ مقدار الحاجة، لو أردت أن أقرأ الحديث انتهى وقت المداخلة، وباعتبار أنك تعرف الحديث فلا حاجة لأن أقرأه بكامله، الشيء الثاني: أنت احتججت بذيل الحديث الذي هو من كلام عائشة، يعني عائشة قالت: إن عليا عليه السلام بعد ذلك بايع، أقول: أنا أريد أن تحتج علي بأحاديثي ومن أقوال أئمة أهل البيت سلام الله عليهم، لا من الحديث الذي رواه البخاري، الحديث دل على أنه ستة أشهر لم يبايع. أما ما قلتموه من أن المبايعة اعترف بها علماء الشيعة مثل كاشف الغطاء في أصل الشيعة وأصولها، نحن اتفقنا في بداية الحوار هذه الليلة على أن أقوال العلماء يُحتج لها، ولا يحتج بها، فكلام كاشف الغطاء لا بد أن ننظر ما هو الدليل الذي يدل على أن علي بن أبي طالب سلام الله عليه بايع بعد ذلك، طبعاً أريد أن أقرأ على إخواني الأعزاء ما روي في كتب أهل السنة في عدم جواز التخلف عن بيعة الخليفة، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال: من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية. وقال ابن عباس أيضا في البخاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من كره من أميره شيئاً فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية، ولهذا أفتى جملة من علماء السنة طبقا لهذه الأحاديث كما أفتى ابن حزم مثلا في المحلى وغيره بأنه لا يحل لمسلم أن يبيت ليلتين ليس في عنقه لإمام بيعة، وأيضا مروي في صحيح مسلم: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.

من هذه الأحاديث نفهم أن المسألة مسألة خطيرة أن رجلا مثل علي بن أبي طالب الذي هو عارف بالأحكام الشرعية يتخلف ستة أشهر عن البيعة. أما ما ذكره الشيخ الدكتور محمد البراك بأنه نحن نريد أن نجمع كلمة المسلمين والخلافة فيها كلام طويل، أقول: أنت في بداية التنسيق قلت أننا نتكلم في الأعم، ولا شك في أن الخلافة أهم، الخلافة أمر عظيم، وهي التي يترتب عليها كل الأمور الأخرى، لأنه إذا ثبتت خلافة أبي بكر انتهى كل شيء سيئ يمكن أن يقال في حقهما، لأن هذا مترتب على ذاك، ثم مسألة اللعن ودعاء صنمي قريش هذه مسائل أخرى، هذه التي فيها إثارة وهذه هي التي فيها تفريق للمسلمين، نحن نريد أن نتكلم في موضوع مفيد لنا، هل أن عليا بايع أو لم يبايع، أريد من فضيلة الشيخ حفظه الله أن يذكر أدلة صحيحة من كتب الشيعة ورواياتهم على أن أمير المؤمنين سلام الله عليه بايع أبا بكر.

الشيخ محمد البراك :

أقول: نحن في هذه المناظرة أقول: ليس فقط أن نخرج في أن نكون متفقين أو نجمع الكلمة على مجرد بعض الآراء وما أشبه ذلك، هدفنا في هذه المناظرة هداية الناس للحق، بيان الحق لمن يخفى عليه هذا الحق، أقول: هذه هي غايتنا، أن نزيل الشحناء والبغضاء التي توجد بين المنتسبين إلى الإسلام من السنة ومن الشيعة، أقول: هذا الأمر قضية أبي بكر وعمر ليست قضية خاصة بين فئتين محدودتين من المسلمين، بل هي بين الشيعة في طرف، وبقية المسلمين كلهم في طرف آخر بكل أصنافهم، يعني خلاف الشيعة في هذه المسألة ليس خلافا مع السلفية أو مع الصوفية أو مع الأشاعرة أو مع المعتزلة، بل هو خلاف مع كل طوائف المسلمين، لأن كل المسلمين يرون أولاً صحة خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وإجلال مكانته ومنزلة أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما، وأي كلمة تقال في حقهما أقول هي تستفز مشاعر هؤلاء الملايين من المسلمين، أنا أقول: نحن مثل الطبيب الذي يعالج المرض، لا يعالج هذا الطبيب يعني الإنسان يعاني من الزكام وعنده مرض مستعصي خطير فيتجاهله ويعالج هذا المرض البسيط.. نحن نركز على أعظم أسباب الخلاف وأسباب النزاع بين المسلمين ونحاول أن نتكلم في ذلك، نحن الآن نجد علماء الشيعة من المعاصرين بتسجيلاتهم وبكلامهم نجد أنهم يلعنون أبا بكر   وعمر رضي الله عنهما ويقولون إنه اغتصب حق آل محمد واغتصب حق علي رضي الله تعالى عنه، ولم نجد نكيراً من علماء الشيعة لهؤلاء، ما وجدنا إنكارا على مجتبى الشيرازي ولا على ياسر الحبيب ولا على حسن شحاتة ولا على غيرهم، لماذا قامت قائمة الشيعة ولم تقعد لأجل كلمات قالها الشيخ محمد العريفي في حق السيستاني؟ لماذا قامت قائمتهم مع أن أهل السنة كلهم لا يقيسون بأبي بكر وعمر أحدا من الناس، ولذلك الكلام فيهما هو استفزاز لمشاعر الملايين من المسلمين، أنا أقول لماذا يا شيخ علي تتجاهل السؤال المهم، نحن نريد أن نجمع كلمة المسلمين، أنا أسألك مثلاً: هل ترى الذي يلعن أبا بكر وعمر والذي يخرجه من دائرة الإسلام، هل تراه مصيبا؟ هل تراه محقاً في لعنه؟ هل تراه يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بهذا الأمر؟ أم انه مخطئاً مجانبا للصواب،هذا الأمر في غاية الأهمية لأن دعاء صنمي قريش مما يردده علماء الشيعة ومما يقوله كبارهم، ومما يصححه وألف فيه المؤلفات علماء الشيعة، أقول: يا شيخ علي هذه بيانها مما يزيل الخلاف والإشكال، طبعا بالنسبة لكلام الشيخ كاشف الغطا في أصل الشيعة وأصولها ذكر أنه ينقل إجماع الشيعة، ليس كلاما من عنده، وما أحد من الشيعة، أنا أريدك مثلا إن كنت تنفي ذلك، أن ترد هذا الكلام بكلام علماء الشيعة الذين ضللوه وبينوا انه أخطأ في هذا الكلام، ثم أيضاً هل تقول أن كلام كاشف الغطا أخطأ فيه،هل جانبه الصواب؟ قل إن كاشف الغطا كلامه ليس حجة على الشيعة ولا يعتد به، ولا نعترف بكلامه، فهنا عندئذ يكون لا قيمة له، لأنه قال وبين: أنه قد بايع وسالم، وأثنى على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، أقول يا شيخ علي المجاملة لا تكون على حساب الحق، المجاملة في أمور شخصية، في شيء أملكه أنا أتنازل عنه لأحد من الناس، لكن أن أتنازل عن العقيدة وأن اسكت عنها واضلل الناس ليس هذا مما يليق بأهل العلم الذين يقتدى بهم ويتأسى بهم، هؤلاء يبينون الحق مهما كانت التبعة ومهما كانت التكاليف، فيبينون الحق الذي لا لبس فيه ولا إشكال، نريد يا شيخ علي أن تقول للناس: إن من قال بدعاء صنمي قريش أنه قد أخطأ وقد جانب الصواب وقد ضل ضلالا مبينا، وأنه بهذا يعرض نفسه للهلاك والخسارة، وأنه مخالف كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

الشيخ علي آل محسن:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين، لا شك أخي الدكتور محمد البراك، نحن هدفنا الحق وإزالة الشحناء لذلك اخترت قضية لا تثير المشاعر، وأردت أن أتكلم في الخلافة كمسألة علمية وأن أمير المؤمنين هل أنه بايع أو لم يبايع؟ هذه قضية علمية تتعلق بأمر مهم، وهو مسألة الخلافة، أما مسائل أخرى لعن أبي بكر وعمر وفلان يلعن وفلان كذا هذه مسائل خارجة عن موضوع البحث لذلك لا داعي لأن نكرر هذا الكلام، ما قاله فلان، وأن فلان يلعن ويسب، ودعاء صنمي قريش، هذا كله خارج عن موضوع الحوار، قلت: موضوع الحوار موقف علي بن أبي طالب من أبي بكر وعمر، وأنا سألتك وقلت لك في شخصهما أم خلافتهما؟ قلت أنت الأعم، لذلك اخترت موضوعاً لا يكون فيه استفزاز لأحد ولا نريد أن نتكلم في شخص أبي بكر وعمر وأنت لم تحصر موضوع الحوار، وأنا أعطيت لك الخيار المطلق في تلك الليلة وأنت لم تحصر في هذه النقطة وأنا ما قلته أنت أنا وافقت عليه من دون أي مناقشة، لذلك لا نريد إلا يتشعب الموضوع، لا نذهب إلى  دعاء صنمي قريش وإلى من يلعن أبا بكر وعمر وهذا كله خارج عن موضوع البحث، أما ما قلته فيما يتعلق بكلام الشيخ كاشف الغطاء، قلت إن كاشف الغطاء ينقل إجماع الشيعة، لعله خانك التعبير، هذا أصل الشيعة وأصولها الآن أنا أقرأ منه الآن قال: ثم لما رأى أن تخلفه يوجب فتقاً في الإسلام لا يرتق وكسراً لا يجبر وكل واحد يعلم أن علي ما كان يطلب الخلافة رغبة في الإمرة ولا حرصا على الملك والغلبة والأثرة إلى آخر كلامه، هذا رأي كاشف الغطاء، ونحن اتفقنا في بداية الحوار وأكدنا هذه الليلة أن أقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها، وكل إنسان يؤخذ من قوله ويترك، أنت تقول: قل لي إن كاشف الغطا أخطأ ونحن لا نعترف بكلامه، كل إنسان يؤخذ من قوله ويترك، والعمدة هو الدليل، لذلك نحن لا نريد أن نتعرض لما قاله فلان، قوله صحيح أو غير صحيح، هذا ليس مهم، المهم ما هو الدليل؟ أنا قلت أن علي لم يبايع، ودل صحيح البخاري على أنه لم يبايع كما قالت عائشة، أنتم قلتم انه بايع بعد ستة أشهر، أنا قلت: ما هو جرم من لم يبايع الخليفة الحق في هذه المدة؟ لا يجوز للشخص أن يتخلف عن البيعة إذا كان الخليفة خليفة حق، فعلى هذا الأساس أنت تقول بايع، أنا أريد أن تثبت أنت بما هو حجة علي وبالأسانيد الصحيحة لكي يكون كلامك ملزماً لي، وأما ما قاله فلان وما قاله فلان، فهذا اتفقنا على أننا لا نحتج به.

الشيخ محمد البراك:

أقول.. أنا لماذا قلت كلام كاشف الغطاء، كاشف الغطاء هو قالها أنه ينقل إجماع العلماء وانه ليس قولا خاصا به، طبعا الحديث الذي في البخاري فيه أن عليا رضي الله تعالى عنه بايع بعد ستة أشهر وهذا يصرح به الحديث أنه بايع بعد ستة أشهر، إذا كان بايع بعد ستة أشهر فدليل على أنه قد رضي بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والتأخر قد يكون له أسباب، وليس شرطا أن كل شخص حين يبايع أن يعلم الناس بمبايعته أو أن يأتي ويعلن مبايعته للخليفة وللإمام، فليس هذا شرطاً، إن اعتقد المسلم مبايعة الإمام وإمام المسلمين وأن بيعته صحيحة فقل هذا يكفي ولا يلزم أن يأتي ويعلن أمام الناس أنه قد بايع هذا الخليفة، وطبعاً علي رضي الله تعالى عنه، جاءت في رواية عند الطبرسي في الاحتجاج في الجزء الأول صفحة 107، أنه قال فبعث إليه أبا بكر أن أخرج فبايع، فبعث إليه إني مشغول فقد آليت بيمين أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه قال فجمعه في ثوب وختمه ثم خرج إلى الناس، يعني أنه قد اشتغل بأمر منعه خلال تلك المدة، طبعاً قضية الأحاديث التي ذكرتها في الوعيد في من لم يبايع الخليفة، أقول: أحاديث الوعيد ولكن أحاديث الوعيد هل تنزل على كل إنسان؟ هذه بشكل عام، يعني توجب البيعة وأن يكون في عنق المسلم بيعة، وأن يبايع لكن قد يكون للإنسان عذر فلا يكون متعرض لهذا الوعيد، ونحن هذا الذي نعتقده في علي رضي الله تعالى عنه، أنه ما أنكر خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولذلك أنت يلزمك الآن، أن تأتي بالأدلة التي تثبت أن علياً لم يبايع أبا بكر وأنه أنكر خلافته لأن الأصل هو المبايعة، الآن لو جئنا نتحدث عن المسلمين وعن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، يزيد عددهم عن 100 ألف صحابي، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا 100 ألف، هؤلاء الذي حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا نستطيع أن نثبت أن هؤلاء بايعوا أبا بكر رضي الله تعالى عنه، يعني لو جئنا نسرد أسماء الذين بايعوا أبا بكر لن نجد رقما قريبا من هذا العدد من الصحابة، لأن هذا الأمر لا يلزم أن يشتهر وأن يعرف أن كل إنسان هل بايع أو لم يبايع، لكن الحجة والبينة على المدعي، أنتم تدعون أن عليا لم يبايع أبا بكر رضي الله تعالى عنه، إذن يلزمكم أن تأتوا بالأدلة التي تقوم بها الحجة، أنتم الآن تعتقدون وتدعون أتباعكم إلى أن لا يؤمنون بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وأن عليا لم يبايع أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، طيب ما هو برهانكم؟ ما هي أدلتكم على هذا النفي، لا بد أن يأتي هذا النفي بأدلة صحيحة صريحة متصلة السند إلى علي، يعلن أنه لم يقبل بخلافة أبي بكر الصديق، خصوصاً أن عليا رضي الله تعالى عنه أصبح خليفة للمسلمين، ليس رجلا نكرة مغموراً، بل هو خليفة وإمام للمسلمين، وأصبح خليفة ويخطب على منبر الكوفة ويسمعه الناس ويستمعون إلى خطابه وإلى خطبه وإلى كلامه، هل تستطيع أن تعلن أو أن تأتي (انقطع الصوت).

أقول: السؤال المهم الذي يجب على الشيعة أن يجيبوا عليه ويجب على الشيخ علي أن يجيب عليه، نحن عندنا قد ثبت بالدليل الصحيح أن عليا رضي الله تعالى عنه بايع أبا بكر رضي الله تعالى عنه ورضي بخلافته، أنتم تنفون هذا الأمر، وأنا قلت: لا يشترط كل شخص يعرف بمبايعته للخليفة، الصحابة أكثر من 100 ألف، والله لا نستطيع أن نأتي ربما بـ 100 شخص بايعوا أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بأسمائهم، لأن هذا الأمر لا يلزم أن يعرف، لكن يلزمكم أن تأتوا بالدليل الصحيح أن علياً لم يبايع أبا بكر الصديق رضي الله عنهما وأرضاهما.

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والرسل وحبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين.

الشيخ ذكر أن كاشف الغطاء ينقل إجماع العلماء، الذي هو موجود في أصل الشيعة وأصولها، لا يوجد نقل إلى أي إجماع، ونريد من فضيلة الشيخ، أن يتفضل مشكورا بنقل نص  عبارة كاشف الغطاء التي ينقل فيها الإجماع هذا أولاً، أما إن علي بايع بعد ستة أشهر وأن التأخر له أسباب.. هذا ما نريد من الشيخ البراك حفظه الله أن يثبته، يقول لا يشترط أن يعلن المبايعة للخليفة، طبعا هذا لا يشترط بالنسبة للإنسان العادي، لا بالنسبة لعلي عليه السلام، ولذلك عائشة قالت: إنه لم يبايع، وإلا لو كان علي عليه السلام مثله مثل غيره من سواد الناس العاديين، الذين لا يهم ولا هناك أي فائدة في نقل بيعتهم أو عدم بيعتهم، لما اهتمت عائشة في هذا الحديث وذكرت أنه لم يبايع، وأيضا العلماء نصوا في كتبهم على أنه لم يبايع ستة أشهر، أما الحديث الذي نقله الشيخ في الاحتجاج، بالمناسبة أن كتاب الاحتجاج كله أخباره ليست مسندة، الأغلب إن لم يكن الكل أخباره غير مسندة، كلها مراسيل، وهذا الحديث أنا رجعت إليه فوجدت أنه مرسل أيضا عن أبان ذكر، ثم الحديث يقول في ص 107 يقول: فقال عمر لأبي بكر: أرسل إلى علي فليبايع فإن ليس في شيء حتى يبايع ولو قد بايع أمنَّاه وغائلته، فأرسل أبو بكر رسولا أن أجب خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، فأتاه الرسول، فأخبره بذلك فقال علي عليه السلام: ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلى الله عليه وآله، إنه ليعلم ويعلم الذين حوله أن الله ورسوله لم يستخلفا غيري، فذهب الرسول فأخبره بما قاله، فقال: اذهب فقل أجب أمير المؤمنين أبا بكر. فأتاه فأخبره بذلك فقال علي عليه السلام: سبحان الله والله ما طال العهد بالنبي مني وانه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله سابع سبعة فسلموا عليَّ بإمرة المؤمنين إلى آخر الحديث.

فإذن أنه بايع وكذا، هذا حديث أولا مرسل،  ونحن قلنا في معايير الحوار أنه لا يحتج بأي حديث حتى لا يضيع الوقت، هذا حديث مرسل، ليس بحديث صحيح مسند حتى يمكن الاحتجاج به، أما ما قاله فضيلة الشيخ من أن هذه من أحاديث الوعيد وهي لا تشمل كل إنسان، أقول: هذا غريب، هذا حكم شرعي لا يجوز للإنسان أن يتخلف عن البيعة أو أن يموت وليس في عنقه بيعة، وإلا كانت ميتته ميتة جاهلية، وهي أحاديث كثيرة، فكيف تكون من أحاديث الوعيد التي لا تنزل على كل إنسان؟ هذا عجيب، الأحكام شاملة للكل، لا يستثنى منها أحد، وأما ما قاله أن علي عليه السلام ما أنكر خلافة أبي بكر، هذا الذي نريد من فضيلة الشيخ أن يثبته، ويقول الشيخ الأصل المبايعة، هذا عجيب غريب، الأصل المبايعة كيف، إن كان هناك أصل الأصل العدم، الأصل أنه لم يبايع لا أنه بايع.

الشيخ محمد البراك :

أولاً: بالنسبة لكلام كاشف الغطا هو بيَّن في كتابه أن هذا ما أجمع عليه الشيعة، أي أنه هذا إجماع علماء الشيعة، قال: رأينا من الفرض علينا أن نكتب موجزاً من القول عن معتقدات الشيعة وأصول مذهبها وأمهات مسائل فروعها التي عليها إجماع علمائها والذي يصح أن يقال إنه مذهب الشيعة على إطلاقها، وأما ما عداه فهو رأي فرد، أو الأفراد منه، ومثله لا يصح أن يعد مذهبا لها، هذا كلامه، ثم ذكر الكلام التي قرأته في بداية المناظرة وهو قوله: (وحين رأى أن المتخلفين أعني الخليفة الأول والثاني بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود، وتوسيع الفتوح ولم يستأثروا ولم يستبدوا قال بايع وسالم) واضح؟ ثم قال أيضاً في موضع آخر في صفحة 222: وزد على ذلك أنه رأى الرجل الذي تخلف على المسلمين قد نصح للإسلام وصار يبذل جهده في قوته وإعزازه وبسط رايته على البسيطة، وهذا أقصى ما يتوخاه أمير المؤمنين من الخلافة والإمارة فمن ذلك كله تابع وبايع حيث رأى أن بذلك مصلحة الإسلام)، فعندئذ بايع رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهذا هو الظن بعلي رضي الله عنه. ثم أيضاً أقول: هل يلزم أن الناس كلهم يبايعون الخليفة حتى تنعقد له البيعة؟ هذا لا يلزم، والدليل على ذلك هو من كلام الإمام علي رضي الله تعالى عنه، كما في نهج البلاغة في الجزء الثاني في ص 86 و 88: ولعمري لأن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل، قال: ولكن أهلها يحكمون عن من غاب عنها ثم ليس الشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار، فهذا أقول هو كلام الإمام علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، طبعا أنت قلت أن كتاب الاحتجاج لا يعتد به وأكثر الذي فيه مراسيل، يقول صاحب الاحتجاج وثبت في مقدمته: ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده إما لوجوب الإجماع عليه أو موافقته ما دلت العقول إليه أو لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف، فهذا هو كلام صاحب الاحتجاج، نقول: أنتم لماذا كل واحد يسكت عن الآخر ويسكت عن العالم الذي يأتي بكلام مثلا ثم يقول: هذا الكلام ضعيف؟ هو ذكر في المقدمة، وبين الكلام الذي يصح نقله، ولم يأت أحد ليرد على هذا الكلام الذي تنفيه. نقول أيضاً علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه ليس نكرة من الناس، بل رجل إمام من أئمة المسلمين وخليفة من خلفاء المسلمين، وانتم تقولون إن هذه البيعة لم تنعقد، ولم يبايع أبا بكر رضي الله تعالى عنه، ومن بايع أبا بكر فإنه بايع الظالمين، هذه عقيدة ليس أمرها سهل، طيب لماذا علي لم يقل هذا الكلام؟ هذا الكلام الذي تقولونه أين قاله علي رضي الله عنه، هل علي يريد إضلال الناس هل يريد التلبيس عليهم لم يبين هذا الأمر وهو خليفة للمسلمين والناس ينقلون كلامه رضي الله عنه؟ إن قلتم: أنه لم يبين ذلك وسكت عنه، فهو داخل في قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)، (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)، نحن ننزه علي رضي الله تعالى عنه عن هذا الأمر وعن هذا القول، ولذلك أقول في كتبكم وفي كلام علمائكم الكبار الذين تجلونهم ما يؤيد هذا الأمر، هذا فيه كلام للصدر، يقول: وأريد أن أقول لكم يا أبناء علي والحسين وأبناء أبي بكر وعمر، أن المعركة ليست بين الشيعة والحكم السني إن الحكم السني الذي مثله الخلفاء الراشدون والذي كان يقوم على أساس الإسلام والعدل، حمل علي السيف للدفاع عنه إذ حارب جديًّا في حروب الردة تحت لواء الخليفة الأول أبي بكر، هذا كلام أحد كبار علماء المعاصرين يقول هذا الكلام، فهل تقول بخلافه وهل تسقط هذا القول؟ أقول: هذا الحقيقة أسئلة لا نجد لها إجابة، وأرجو أن تجيب على هذا الأمر، وهل أيضاً الشيخ كاشف الغطا هل كلامه صحيح أم أخطأ فيما قال؟

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين.

أولا: ما نقلته من كلام كاشف الغطاء، هذا كتاب أصل الشيعة وأصولها في بيان العقائد، العقائد التي ذكرها هي مجمع عليها في التوحيد وغير التوحيد لا أن كل كلمة قالها الشيخ كاشف الغطاء هي مجمع عليها، أمهات العقائد التي ذكرها، لذلك نحن نقول ما ذكره كاشف الغطاء من العقائد مجمع عليه لا أن كل كلمة وردت في كلامه وهو يقصد أن كل كلمة مجمع عليه، إذا كان كلام كاشف الغطاء أن هذا مجمع عليه فإذن نريد منكم أن تذكروا هذا الشيء المجمع عليه من كتاب آخر؟ فلماذا كلامه لا يوجد في كتاب آخر ينقله العلماء خلف عن سلف كما هو حال عقائد الشيعة المعروفة كالعصمة والنص وإمامة الأئمة الاثني عشر وغير ذلك، ومسائل التوحيد والصفات هذه منقولة في كل كتب الشيعة، هذه هي التي هي مجمع عليها، أما هذه المسألة ما نقلها العلماء بهذه المثابة حتى تكون مجمع عليها، لو كان نقلها العلماء بإجماع لاشتهرت ولظهرت في كتب الشيعة، هذا أولا.

ثانياً: أن الشيخ كاشف الغطاء، في كلمته التي ذكرها ذكر، أنه الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه وإن بايع لكنه يعتقد بأحقيته في الخلافة، وبايع وسالم وهو يعتقد بأنه حق من جهة أنه لا يريد إثارة الفتنة، لا من جهة أنه يعتقد بأحقية أبي بكر وعمر في الخلافة.

ثم ذكرت أنه لا يلزم كل الناس أن يبايعوا، نعم نحن لا نقول إنه يلزم، لكن كما ذكرت أن علي بن أبي طالب ليس نكرة من الناس ولذلك هو أساساً الخلاف والنزاع بينه وبين أبي بكر في مسألة الخلافة، الإمام أمير المؤمنين يدعي الخلافة، هذا هو السبب، لأن النصوص الكثيرة التي دلت على خلافته مبثوثة وكثيرة جدا في كتب السنة والشيعة، لا أنه هو واحد عادي بايع أو لم يبايع كما قلنا، وأما ما نقلته من كلام الاحتجاج إن هذا ما دلت عليه العقول، أنا نقلت: يقول: ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناد، إما لوجود الإجماع عليه، أو موافقته لما دلت عليه العقول، أو لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف، فذكر ثلاثة أمور، ممكن يكون شيء مشتهر في كتب السير ولكنه ليس بصحيح، ثم بالنسبة إلى الذي نقله الشيخ الطبرسي في الاحتجاج هذا ليس من صالح أبي بكر وعمر، لأنه ينكر أن أبا بكر خليفة رسول الله وينكر انه أمير للمؤمنين، وأما ما قلته أنه نحن المطلوب منا أن نأتي بالدليل، هذا عجيب، هذا أنت قلته في المداخلة السابقة لكن ما كان الوقت كاف للرد، أقول: هذا عجيب أنه نحن الذي نأتي بالدليل، المطلوب أنك تأتي أنت بدليل أن علي بن أبي طالب بايع راضياً يعتقد بأحقية أبي بكر وعمر في الخلافة، وأما ما نقلته من كلام السيد محمد باقر الصدر فهذا أجبنا عليه فيما سبق من أن الأقوال يحتج لها ولا يحتج بها .

الشيخ محمد البراك :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أقول: أفهم مما تقدم أن الشيخ علي أقول كأنه يرى أن هؤلاء العلماء الصدر وكذلك كاشف الغطا أنه قد لا يعتد بقولهم ولا يعتد برأيهم فيما قالوه، وهم ينقلون عن علماء الشيعة وما سمعنا أن أحداً من علماء الشيعة رد عليهم فيما قالوه، وكون علماء الشيعة يسكتون عنهم أقول دليل على موافقتهم لهم، دليل فيما يبدو لي أنك ترى أن كلامهم ليس بصحيح، ولذلك تطلب الاحتجاج له والاستدلال لهذا الكلام الذي قالوه، وهم فيما أعلم أنهم من كبار علماء الشيعة، طبعا الرواية التي ذكرتها في بداية الكلام وأن الحسن رضي الله تعالى عنه يعني أنه قال لعمر: هذا منبر أبي، الرد عليها وقال عمر: كما علمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن انزل عن منبر أبي.. ماذا قال علي رضي الله تعالى عنه؟ في نفس الرواية وفي آخرها، قال: والله ما أمرته بذلك ولا فعله من أمري. وهذا في اللمعة البيضاء للتبريزي للأنصاري صفحة 875 و 876، إذاً علي رضي الله عنه لم يرض له ذلك وما أمره به رضي الله تعالى عنه، أيضا أقول: من المعاصرين كذلك الشيخ الصفار وهو معروف، في كتابه الإمام علي وقضايا الأمة صفحة 27 و 28 يقول: إن علي بن أبي طالب تحمل مسؤوليته، فكان مع الخلفاء ومع الأمة يحضر المسجد ويشارك في صلاة الجماعة ويستشار ويشير فيعطي رأيه وينقذ الأمة ويساعد الخلفاء في مواقف كثيرة فهناك أكثر من 90 مورداً من قضايا عسكرية واقتصادية وسياسية ودينية استشار فيها الخليفة عمر الإمام عليا وأخذ برأيه سجلها مع ذكر مصادر الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه علي والخلفاء. ويقول أيضاً: ما كان ينظر للخلفاء كأعداء يكيد لهم ويسعى للانتقام منهم وهم في المقابل كانوا ينظرون لعلي كمعين ومساعد فيما هو مصلحة الأمة والدين وإلا لو كان عمر وأبو بكر ينظران لعلي كعدو لما رجعا إليه ووثقا برأيه. أقول: هذا كلام الشيخ الصفار وهو معروف، وقد ذكرت الصفحة، وهي الصفحة 27 و 28، أقول: نحن عندنا فيه روايات كما في البيهقي، أن علياً رضي الله تعالى عنه قد بايع من أول وهلة، وقد بايع في بداية خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ولكن لما لم يشتهر ذلك، بايع مرة أخرى بعد ستة أشهر،هذا الذي عرف والذي اشتهر، والذي أيضاً أقر به علي رضي الله تعالى عنه كما في نهج البلاغة، يعني في نهج البلاغة علي رضي الله تعالى عنه يقول: أنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا كان ذلك لله رضا، كان ذلك لله رضا، أي إذا اجتمع المهاجرون والأنصار على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا، قال: فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على إتباع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى. هذا في نهج البلاغة وطبعا لا يخفى عليك هذا النص، وهو من كلام الإمام علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، لأنه قال بهذا القول، وهذا الاعتقاد، وأنا أقول: حينما تعتقدون هذا عقيدة، والله مطلبي في غاية العدل، وأنا ألاحظ من الشيخ أنه يحاول عدم الإجابة على الأسئلة، بالرغم أن الأسئلة أقول نحن بحاجة إليه، وبحاجة إليه الشيعة، الشيعة بحاجة إلى أن يعرفوا هذه الإجابات، هل علي رضي الله عنه كتم الحق؟ هل علي حين صار خليفة غير منازع في مكان خلافته، رضي الله عنه، في عاصمة إمارته بالكوفة، هل كان يكتم الحق ولا يبينه للناس؟ ويدلس على الناس؟ نحن نقول: حاشا لله تعالى، وعلي رضي الله عنه منزه عن ذلك، فهو يبين الحق ويدل عليه، ومن الهداة إلى الحق رضي الله عنه وأرضاه، أرجو الإجابة على هذا السؤال المهم للسنة وللشيعة، وصلى الله على نبينا محمد.

الشيخ علي آل محسن:

بسم الله الرحمن الرحيم، بالنسبة إلى ما قاله عن  كاشف الغطا والصدر والصفار، هذا لا نحتاج أن نكرر، هؤلاء رجال وقلنا من البداية حتى لا يصبح الحوار أنا أنقل له من أي قول وهؤلاء علماء ولا يعتد بقولهم، هذا كله كلام لا داعي أن نكرره ولا داعي أن نرد عليه، لأنني كررت ورددت عليه مراراً، أما ما قاله أن علماء الشيعة ساكتون وسكوتهم يعنى أنهم راضين هذا ليس دليلاً علميا، (سكوتها رضاها) سكوت المرأة في مورد خاص في الزواج وإذا كانت بكر هذا يدل على الرضا، أما مطلقا لا وأن كل عالم يقول كلام خطأ أذهب وأرد عليه، وأفند كلامه، هذا ليس وظيفتي، ليس واجبا علي، وأما ما قاله من قول علي عليه السلام في حديث أن الإمام الحسين سلام الله عليه لم يبايع أو قال: انزل عن منبر أبي، أو الإمام الحسن عليه السلام قال: انزل عن منبر أبي، ففي هذه الحالة طبعا يقول في الحديث موجود: ما أمرته ولا فعله من أمري، نعم ما قال: (أنا لست راض بما قال) أو أنما قاله باطل أو غير صحيح، أنا ما أمرته، هو قاله من نفسه، فإذن هذا ليس حجة في أن تصرف الإمام الحسين عليه السلام كان خاطئاً عند علي عليه السلام، وأما تحمل مسؤولية أمير المؤمنين يتحمل المسؤوليات، وأنه سأله عمر وأبو بكر، نعم صحيح، أمير المؤمنين  ما ادخر وسعا فيما فيه الصالح العام، لكن هذه النقطة خارج نقطة الحوار، أن علي عليه السلام لم يبايع، وأن من بات وليس في عنقه بيعة فميتته ميتة جاهلية، هذا نريد من فضيلة الشيخ أن يجيب عليه، أيضا الشيخ ما أجاب عن ما ورد عن فاطمة سلام الله عليه التي يؤذي النبي ما يؤذيها ويرضى الله لرضاها أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر، ومن الطبيعي أنها لا ترى خلافته ولو كانت ترى خلافته لسلمت بحكمه في قضية فدك وغير فدك.

الشيخ محمد البراك:

أقول: ليس موضوعنا غضب الزهراء رضي الله تعالى عنها وأرضاها ونحن نقول بأن الصحابة رضي الله عنهم بشر وليسوا بمعصومين، ولكن استقر الأمر على رضاها رضي الله تعالى عنها، وإن كنت ترى أن غضبها على أبي بكر موجبا لغضب الله سبحانه وتعالى على أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فأقول في كتبكم وفي كلام كاشف الغطا أيضاً في جنة المأوى يقول في موقف الزهراء سلام الله عليها من أبي السبطين ويقول: كانت ثائرة متأثرة أشد التأثر حتى خرجت عن حدود الأدب التي لم تخرج من حظيرتها مدة عمرها، فقالت له: (يا ابن أبي طالب افترست الذئاب وافترشت التراب)، نقول: نحن ننزه فاطمة رضي الله عنها أن تقول بمثل هذا الكلام، كيف أن يقال عن فاطمة رضي الله تعالى عنها أنها خرجت عن حدود الأدب؟ بل حاشاها أن تخرج في يوم من حياتها عن حدود الأدب بل هي ممن يتعلم منها الأدب، ممن تقتدي بها نساء الأمة، هذا قولنا في فاطمة رضي الله تعالى عنها، وهذا قولنا في هذه المرأة التي هي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي بضعة من رسول الله عليه الصلاة والسلام، أقول: هذا اعتراف أحد علماء الشيعة الكبار، وأنا أقول الحقيقة أنت تقول هذا الكلام منهم، وكلام يحتج له، إذن لماذا لا تجرؤ على أن تقول: إنهم أخطئوا في هذا الكلام، إن هؤلاء العلماء اخطئوا في هذا الكلام فيما قالوه! وكذلك نقول في فاطمة رضي الله تعالى عنها، يقول المجلسي في الجزء الثالث والأربعين في صفحة 146 باب كيفية معاشرتها مع علي عليهما السلام، قال: والأخبار المشتملة على منازعتهما مؤولة بما يرجع إلى ضرب من المصلحة لظهور فضلهما على الناس أو غير ذلك مما خفي علينا جهته، هذا كلام المجلسي طبعا هو يعترف بهذا الخلاف بين فاطمة وبين علي رضي الله عنه، وهذا المعصوم وهي هذه المعصومة أيضا بينهم هذا الخلاف، كيف يظهر الخلاف بينهما وهما معصومان؟ يلزمك فيما تحتج علينا به أيضا أن تنظر في كتبك وما يقول علماؤك في هذا الأمر.

تقول: ما أجبت عن قضية تأخر أن علي لم يبايع، وأحاديث الوعيد، وأنت قد ذكرت الحديث:  من مات وليس في عنقه بيعة؟ علي رضي الله عنه قد ثبت أنه بايع، وعلي ما مات وليس في عنقه بيعة، بل مات خليفة المسلمين، بل مات وهو الخليفة الذي تجب له البيعة وليس العكس كذلك، أيضاً أراك لا تجيب على كلام علي رضي الله تعالى عنه الذي قاله في نهج البلاغة، ينبغي أن تبحث عن إجابة له، فهو يقول هو يصحح خلافة من قبله، قال: (بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه)، يعني بيعتي مثل بيعتهم، قال: (فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا كان ذلك لله رضا، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على إتباع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى)، هذا كلام علي رضي الله تعالى عنه، وأنا اعلم وأجزم أنك تعرفه وما يخفى عليك هذا الكلام الذي هو من كلام علي رضي الله تعالى عنه، طبعا السؤال المهم والذي نحتاج جميعاً إلى الإجابة عليه، نحتاج نحن أهل السنة ويحتاج كذلك الشيعة، نحن نقول: علي قدوة لنا نقتدي به ونتأسى به رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أنت تنفي بيعته، هذا النفي لهذه البيعة يحتاج منك إلى دليل، لا تتهرب من الدليل مع احترامي لك يا شيخ علي، أقول: لا بد أن الكلام إن لم يكن له  أدلة فلا قيمة له، أنا أقول الآن لو قيل لأهل السنة: ائتونا بدليل على أن جابر بن عبد الله الأنصاري بايع أبا بكر الصديق رضي الله عنه، أو بايع عمر، ربما لا نجد الدليل، ولكن الأصل هو البيعة، وضدها هو الخطأ، ولذلك نحتاج لهذا النفي لدليل صحيح نعتمد عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشيخ علي آل محسن :

أما قولك: (إن الصحابة بشر، وفاطمة استقر الأمر على رضاها) فهذا خلاف ما قالته عائشة في صحيح البخاري أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر، والمهم في ذلك أنها لم ترض بخلافته، هذا هو المهم، ولم ترض بحكمه فيما قاله في فدك، هذه هي النقطة، أما ما قلته من كلام كاشف الغطاء فهذا لا يحتاج إلى إجابة، لأنه قد أجبنا عليه فيما سبق مكرراً، فأرجو منك أخي الكريم الشيخ محمد البراك أن تلتزم بمعايير الحوار، ولا تنقل أقوال هذا وهذا، التي هي آراء لعلماء، هذه ـ كما قلت أنت ـ يحتج لها ولا يحتج بها، أما أنه لماذا لا تجرؤ أن هذا أخطأ أو لم يخطئ، هذا ليس موضوع الحوار، وما نقلته في البحار عن المجلسي، هذه الأخبار التي تدل على أنه هناك نزاع بين علي وفاطمة، هذه مؤولة على وجه من المصلحة صحيح، نؤولها لا نحملها على ظاهرها باعتبار أن السيدة فاطمة امرأة جليلة وعظيمة، بل هي سيدة نساء العالمين، وكذلك أمير المؤمنين، فنحن نكذب الرواة، ولا نخطئ الزهراء أو علي بن أبي طالب، وأما ما قلت إن علي عليه السلام بايع، ما مات حتى بايع،هذا الذي منذ أول المحاورة إلى الآن نطالبك فيه بالدليل، نحن نريد منك أن تثبت لا من قول هذا وهذا، هذه ليست إثباتات كما اتفقنا، نريد كما أنا جئت بحديث صحيح من كتبك وأن عليا عليه السلام لم يبايع، نريد منك أن تأتي أنت بحديث من أقوال الأئمة، من قول علي عليه السلام أنه بايع، وأما ما قلته في نهج البلاغة أنه بايعني القوم فهذا خارج عن مسألة أن علي بايع أو لم يبايع، هو يقول: هؤلاء بايعوني كما بايعوا أبا بكر وعمر، أما أن أنا بايعت أبا بكر وعمر فليس في كلامه هذا شيء من ذلك. ,أما ما قلت: أني أتهرب، وأن الأصل هو البيعة فهذا غير صحيح، الأصل عدم ثبوت البيعة، وبالإضافة إلى ذلك لا نرجع إلى الأصل، وعندنا نص أنه لم يبايع، كيف نرجع إلى أصل وعندنا نص؟ وهذا عجيب منك، فأنت الذي هو مطالب بحديث بدليل صحيح معتمد أنه بايع، نريد منك أن تثبت، إلى الآن لا أزال أطالبك بحديث صحيح أن عليا عليه السلام بايع، أنت إلى الآن لم تثبت ذلك، وإنما تنقل أقوال، أنت قلت: هذه لا يحتج بها.

الشيخ محمد البراك:

أولاً: الحديث الذي في البخاري هو بيَّن وقد قرأت الحديث في البداية أن عليا رضي الله تعالى عنه، طبعا عندنا الأدلة تثبت أن عليا بايع أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما بالخلافة وهذا بنص الحديث وبثناء أيضا أمير المؤمنين على أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، في قوله: (ثم استغفر وتشهد علي، فعظم حق أبي بكر.... وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على  أبي بكر، ولا إنكار الذي فضله الله به، ولكنا نرى أن لنا في هذا الأمر نصيبا)، وهذا فسر كما فسره الحافظ ابن حجر وغيره لأنه أيضا بالمشاورة، ليس مقصودا به الخلافة، وإنما بالمشاورة، قال: فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا، قال: فسر بذلك المسلمون، وقالوا: أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف)، وفيه تصريحه رضي الله تعالى عنه بأنه بايع أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، طبعاً الكلام عن الزهراء رضي الله تعالى عنها لو قاله سني واحد من أهل السنة لشنع عليه ولقيل عنه ما قيل، ولكن لأن الذي قاله رجل من الشيعة فيسكت عن هذا الكلام، طبعا الدين ليس فيه مجاملة ولذلك عند أهل السنة، لو أن شخصا مهما كانت منزلته أخطأ في مسألة أول من يرد عليه هم أهل السنة وممن يتفقون معه في المنهج، لأنه لا مجاملة في دين الله تعالى، أقول: هذه العبارات التي قالها كاشف الغطا عن فاطمة رضي الله تعالى عنها، ليس موضوعنا لكنك لأنك بدأت الكلام فيه، فلذلك أنا أضطر أن أبين ما في كتبكم مما فيه إساءة لفاطمة رضي الله عنها، وهي عبارات في غاية البشاعة، عبارات لا تستحمل، ونحن لا نستحملها، أن ننطق بها لولا أنها في مقام الاحتجاج، وإلا لما تجرأنا على القول بها ولا تجرأنا أن نصف فاطمة رضي الله تعالى عنها بهذه الأوصاف، يعني كيف لمن يرى أن فاطمة لها العصمة ولها المنزلة العالية، يقول إنها كانت ثائرة متأثرة أشد التأثر، حتى خرجت عن حدود الأدب؟ عبارات أقول: تقشعر لها الأبدان ولا تليق ببنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يقال لها مثل هذا الكلام، وأن تخاطب بهذا الكلام عليا رضي الله عنه في كتاب من كتب الشيعة (جنة المأوى) لهذا العالم الكبير من علماء الشيعة وهو كاشف الغطا، أقول: هذا مما لا يقبل، مما ينبغي أن يرد، وألا يسكت عنه، طبعاً علي رضي الله عنه يرى أن عمر مرجعاً للمسلمين وأنهم يرجعون عليه، كيف يكون مرجعا للمسلمين وهو لا يعترف بخلافته؟ يقول في نهج البلاغة 134 خطبة، من كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو الروم، وقد توكل الله لهذا الدين بإعزاز الحوزة، وستر العورة والذي نصرهم وهم قليل لا ينتصرون، ومنعهم وهم قليل لا يمتنعون، حي لا يموت...  انظر ماذا يقول لعمر رضي الله تعالى عنه: (إنك متى سرت إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم بشخصك فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة، دون أقصى بلادهم وليس بعدك مرجع يرجعون إليه)، لاحظ العبارة وليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلا مجربا وإلى آخر كلامه) أقول هذا كلام علي رضي الله عنه لعمر بن الخطاب، لو كان يرى أنه عدو له، ولو كان يرى أنه مخالف له، ولو كان يرى أن خلافته غير صحيحة، لتمنى أن يخرج علي إلى العدو فيقتل فيستريح المسلمون منه! هذا الذي يقوله وهذا الذي يقوله عداوة عمر رضي الله تعالى عنه، أقول: بل كلامه هذا اعتراف بخلافة عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ونصحاً من أمير المؤمنين لعمر وهذا هو الظن بأبي الحسن رضي الله تعالى عنه النصح للمسلمين، وأن يقول الحق وأن لا يماري فيه ولا يكتم شيئاً من الحق الذي يعتقده والذي يدين الله سبحانه تعالى به، أنا أقول للأسف الكلام له بقية، ولكن الوقت لم يكن فيه بقية، ولعلي أؤجله للمداخلة التي بعدها، وصلى الله على سيدنا محمد.

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، أعجب من فضيلة الشيخ كيف يحتج عليَّ بحديث البخاري؟ ويقول: إن علي عليه السلام بايع أبا بكر كما نص عليه الحديث، ثم في نفس الحديث أن أمير المؤمنين سلام الله عليه يقول: نرى أن لنا في الأمر نصيبا، فاستبددت به علينا، طبعاً تفسير ابن حجر، لماذا لا يكون الخلافة؟ لنا في الأمر نصيب، وهو الخلافة، مسألة انه له في المشاورة هذا شيء عجيب، لأن الإنسان صح يريد أن يشاوَر، لكن إذا وصل القوم إلى ما هو الأفضل، إذن المشاورة ليس لها موضوعية، يعني المشاورة تراد لغيرها للوصول إلى ما هو الأفضل، فإذا وصل المسلمون إلى ما هو الأفضل، واختاروا أبا بكر، فإذن أنا أقول: ما شاورتموني، ما هي الفائدة ما داموا وصلوا إلى الأفضل، إنما يرى له في الأمر نصيب يعني يرى أنه هو الخليفة، كما دلت على  ذلك الأحاديث الكثيرة عندكم وفي كتب أهل السنة، ولكن ليس هذا هو موضوع البحث.

وأما ما قلته إن كاشف الغطاء قال هذه الكلمة وهذه جرأة عظيمة، فهذا خارج عن موضوع الحوار أخي الكريم، وأما ما ذكرته أن عليا عليه السلام يرى أن عمر مرجع للمسلمين، نعم، مرجع، لا أن المراد منه أنه هو خليفة حق، الناس بايعوه وهم يرجعون إليه، الآن كل حاكم هو مرجع للناس يرجعون إليه، الإمام أمير المؤمنين لما استشاره عمر، لا بد أن يمحض النصيحة والناصح مؤتمن، فلذلك أمير المؤمنين لو يستنصحه أي إنسان مسلم غير مسلم، فلذلك الإمام ينصحه، فلذلك يقول: استشاره في غزو الفرس بنفسه، فالإمام نصحه، يقول: لو أنت ذهبت وقتلت تضعضع جيش المسلمين، وحل بالمسلمين كارثة، لكن ابعث إنسان وأنت ابق، لو ذاك انهزم أنت تعبئ الجيش مرة ثانية، وتغزو بقائد مرة ثانية، تستطيع أنك تعزز، هذه نصيحة، لا تدل على أن عليا عليه السلام يرى أن عمر خليفة حق، وأن الله راض بخلافته، وهذا ليس دليل، على كل حال، إلى الآن أنا لا زلت أطالب فضيلة الشيخ أن يأتي بدليل واحد يدل أن عليا عليه السلام بايع أبا بكر أو أنه راض بخلافة أبي بكر وعمر وإلى الآن أنا انتظر، وإن شاء الله نسمع الجواب من فضيلة الشيخ في مداخلته الآتية، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الشيخ محمد البراك

أقول: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أقول: أولا، كما ذكرت وكررت الكلام مرات ومرات أن ظننا بعلي رضي الله تعالى عنه أنه إمام ناصح للإسلام والمسلمين وأن علي رضي الله تعالى عنه يقتدى به وممن أمرنا بالاقتداء به رضي الله تعالى عنه وأرضاه، طبعاً حينما نصح لعمر رضي الله عنه، لا بد أن نتطرق لهذا، الشيعة عقيدتهم في عمر هو اللعن والتكفير، بل يرونه بعضهم أنه أشد جرما من إبليس رضي الله تعالى عن عمر وأرضاه، أقول: هل يعقل أن عليا رضي الله عنه يمحض النصيحة لعمر وهو يعتقد والشيعة يعتقدون فيه هذا الاعتقاد؟ هذا يتنافى مع كلام الله سبحانه وتعالى، الله عز وجل بين أنه لا يجوز للمؤمن أن يوالي الكافرين، بل يتبرأ منهم: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) وآيات لا تحصى في كتاب الله عز وجل، تبين أن الوشائج والروابط تنفصم وتنقطع بين المسلمين وبين الكافرين: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)، تنقطع الوشائج كلها إذا انقطعت رابطة الإيمان، هل يعقل أن عليا رضي الله عنه ينصح هذه النصيحة وينصح عمر بالبقاء وألا يخرج، لأنه مرجع للمسلمين وهو يعتقد كفره، وأنا أقول مثال حتى يتضح المقال وحتى يفهم المستمعون الآن، الآن لو أن الرئيس الإسرائيلي استشار مسلما في قضية من القضايا، في حرب من الحروب، ثم هذا المسلم نصح لهذا الرئيس الإسرائيلي ومحض النصيحة له، ماذا يقال عن هذا الإنسان؟ ألا يقال عنه إنه خائن وألا يقال إنه مجرم ؟ كل أوصاف الذم لا بد أن يوصف بها هذا الإنسان، طبعا أنتم وفي عقيدة الشيعة أن عمر أشد كفراً من هذا الرئيس الإسرائيلي، هذه عقيدتكم، فكيف يليق بعلي أن ينصح له، ينصحه بأن يبقى ولا يخرج مخافة القتل عليه؟ الله تعالى يقول في كتابه آمراً النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم)، هذا الذي يؤمر وهذا الذي عليه، ليس النصح لهم، وليس إرادة الخير لهم، فهذا الذي يقال عن علي رضي الله عنه، ثم أيضاً قوله بأنك مرجع للمسلمين، معناه ماذا؟ أن عليا رضي الله عنه لا يرى أنه مرجعا للمسلمين في وقت عمر رضي الله عنه، وإنهما المرجع هو عمر رضي الله عنه، لأنه خليفة المسلمين وهو إمام المسلمين، فلذلك يراه خليفة لهم وإماما لهم ومرجعا يرجعون إليه، وأنه لو قتل لحلت الكارثة بالمسلمين، لأنه قتل خليفتهم وقتل إمامهم رضي الله تعالى عنه وأرضاه، طبعا الحقيقة الكلام كثير، ومن هذا الكلام، والروايات في رضا الزهراء رضي الله عنها كما في سنن البيهقي أنها رضيت عن أبي بكر الصديق، وجاء إليها، واعتذر إليها قبل وفاتها، واستأذنت عليا وأذن لها رضي الله تعالى عنه، ثم إن عليا رضي الله عنه لا يرى أن خلافته واجبة وأنه لا بد أن تكون له البيعة، بل يرى انه ممكن أن لا يكون، حينما جاءه الناس يبايعون كما في نهج البلاغة، ماذا قال، قال: )وأنا لكم وزير، خير لكم مني أمير!)، وهذا في نهج البلاغة، في خطب الإمام علي، في صفحة 181 و 182 قال هذه الخطبة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وأيضاً لعل في المداخلة القادمة يكون فيه مزيد إيضاح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الشيخ علي آل محسن:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين: ظننا بعلي عليه السلام أنه إمام ناصح للإسلام وللمسلمين فهذا حق، لكن هذا لا يثبت أن خلافة أبي بكر بنظره صحيحة وخلافة عمر بنظره صحيحة، الظن به شيء، نظن به ذلك، نعتقد به ذلك، لكن هذا ليس دليلا على صحة خلافة أبي بكر، أما قولك: إن علي ما يمكن يمحض النصيحة لعمر فلا يجوز للمؤمن أن يوالي الكافر، النصيحة شيء، والموالاة شيء آخر، لو جاءك يهودي وطلب منك النصيحة فأنت تنصحه بما فيه خير له، وأما تمثيلك بالرئيس الإسرائيلي، نعم إذا طلب مني المشورة وكان في كلامي انصحه بما فيه خير المسلمين هل أعد خائن؟ أقول له: لا تحارب المسلمين بعدين تباد، بعدين بتسيل دماء منكم ومنهم، ورأيت أن المسلمين لا يقدرون على الحرب مع الكفار، المهم هو الصالح العام للمسلمين، أمير المؤمنين نصح عمر لا نصح خيانة، نصحه بما فيه مصلحة المسلمين، هذا هو المهم، وأما ما قلت أنه في سنن البيهقي، هذا أولا: يرد عليه أنه احتجاج بحديثك، أنا أريد أن تحتج بحديثي، كما أنني احتج بحديثك أنت احتج بحديثي، لا تحتج علي بأحاديثك، ثم هذا الذي في سنن البيهقي هل هو صحيح أم لا؟ نحتاج أن نعرف أنه صحيح أم لا؟ ثم لو سلمنا صحيح، هل يعارض ما في صحيح البخاري؟ وأما قولك أن عليا عليه السلام لا يرى خلافته واجبة فهذا (أنا لكم وزير خير مني أمير)، اقرأ باقي الخطبة، لأن هؤلاء يريدون أن يبايعوه، يقول: أنا سأحملكم على المحجة البيضاء، ولم يرض بذلك زيد وعمرو، ولذلك قام فلان وقام فلان ضده، وهذا هلاك لهم، يقول: إنا سأحملكم على المحجة البيضاء، هذا أنتم تريدون أن تتبعوا أهواءكم، وتريدون أن أحابي وأن أعطي الزعماء وأن أقرب الرؤساء، وهذا أنا لا أفعله، فلذلك إذا أردتم الحق أنا أحملكم عليه، وهو كان يريد أن يستوثق من بيعتهم، لا أنه يرى فعلا أن خلافته غير واجبة، هو إمام منصوب من الله سبحانه وتعالى بنص الأحاديث الموجودة عندنا وعندكم، هذا حديث رواه النيسابوري في المستدرك قال: عن حيان الأسدي سمعت عليا يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأمة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني، وإن هذه ستخضب من هذا، يعني لحيته من رأسه، قال الحاكم: صحيح وقال الذهبي في تعليقه: صحيح، وهذا من كتبك وحديث صحيح، أنا لا أحتج عليك إلا بما صححه علماؤك والمعتمدين كالذهبي مثلا، لو لم يصححه الذهبي لما قلته لك، قال: إن الأمة ستغدر بك من بعدي، ما هو الغدر؟ نريد أن نفهمه، إذا لم يكن أخذ الخلافة ؟ إذن ما هو؟ أي غدر؟ الأمة غدرت بعلي؟ وأنت تعيش على ملتي.

الشيخ محمد البراك :

خلي بالك لا يحتج بهذه الرواية، وان كان الذهبي قد وافق الحاكم في تصحيح هذا الحديث، لكنه قد أخطأ والذهبي ليس بمعصوم ولذلك جاء من المحققين من تعقب الذهبي أيضا في تخريجه للحاكم ولذلك في الرواية فيها أبو إدريس وقد اختلف فيه ولذلك فهو مجهول، كما أيضا من المتأخرين، الألباني رحمه الله تعالى، فجميع طرق الحديث واهية وليس فيها ما يتقوى بغيره، أقول: هذا مما يرد هذه الرواية، وطبعا العقيدة والدين لا يقوم على الروايات المختلف فيها، بل يقوم على الحجج الدامغة، والآيات البينة، والدلائل الواضحة، أما الشبهات والأحاديث التي يختلف فيها والتي يختلف في فهمها نقول: هذه لا تقوم بها حجة، ولا يعتد بها هذه الروايات، أنا أقول الحقيقة من العجب والذي لا يليق بمثلك يا شيخ، أن ترى أن عليا رضي الله عنه ينصح لعمر، أنا أقول: سؤال احتاج للإجابة عليه ويحتاج المستمعون للإجابة عليه، ما هو اعتقادك في عمر؟ هل تراه إماما؟ وتراه مؤمنا؟ وترى أن هذا الرجل له في الإسلام قدم صدق؟ أم أن هذا من أضل خلق الله كما هو اعتقاد الشيعة الذي نعرفه نقرؤه في كتبهم، والذي نسمعه من علمائهم، والذي يردد حتى في غرف الشيعة، أنهم لا يتورعون عن لعن عمر، والبراءة من عمر، وما لا يخفى عليك في هذا الشأن، نقول: هنا القياس تقيس قياسا مع الفارق، وقياسهم لا يقبله العقلاء، انه لو  جاءني شخص يهودي يستنصحني فأنا في الخيار أنصحه، يعني أنا في بلد من البلدان وجاءني يهودي أو نصراني ومن أي ملة ليس محاربا للإسلام ولا للمسلمين، ثم استنصحني، فأنا أقول بالخيار إما أن أنصحه وأبين له، إن رأيت في هذا مصلحة للإسلام وإما ألا أنصحه، لكن يأتي عدوي من أعداء الإسلام، ثم يستنصحني، أقول: هنا لا أنصحه ولا أخلص له في النصيحة؛ لأن في الإخلاص له تثبيتا له وبقاء له وأقول هذا فيه تثبيت لخلافة عمر رضي الله عنه، ورضي بها، وأقول هذا مما يعني الحقيقة لا يقبله العقلاء، أن يقال أن يظن بمثل هذا الظن ولكن أقول أيضا من الأسئلة التي تحتاج إجابة قول عمر رضي الله عنه: (أنا لكم وزير خير مني لكم أمير) وهذه خطبة من خطب الإمام علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يقول طيب أنت تقول أنه لا يريد أن يكون أميراً، وأنهم قد يحملون أمورا لا يرضاها، طيب كيف يكون له وزير؟ كيف يكون لهم مشاور؟ والله سبحانه وتعالى قد امتن على موسى عليه الصلاة والسلام بأن جعل أخاه هارون وزيراً، فالوزير هو المستشار وهو المقرب وهو الذي ينوب عن الأمير يعني في بعض الأمور، وهذا الكلام لا يقبل ولا أقول ولا يحتج به، ولا يصح الاعتذار به، وهذه الأدلة التي نأتي بها، والتي هي من كلام علي رضي الله عنه، نريد منها رداً عليها من كلام من علي، هذا فهمك وأنت ترد كلام علي بفهمك الخاص، وفهمك ليس حجة لا علي ولا على الشيعة، ولا أيضا على كلام علي رضي الله عنه، بل الحجة هي أن تأتي بكلام لعلي رضي الله عنه، وهذا الكلام الذي يفسر هذا المعنى، وهذا الذي تقول عندئذ نقول: كلام علي على الرأس والعين وهو مقبول وله عندنا المقام العالي، والمنزلة الرفيعة، وهو الإمام الذي يقتدى به رضي الله عنه وأرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشيخ علي آل محسن:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين: أما قولك: ما ينفرد به الحاكم فهو ضعيف، فهذا عجيب منك، لأن الحاكم لم ينفرد بهذا الحديث، الحديث موجود في مصادر مختلفة، ورواه ابن حجر في المطالب العالية ورواه ابن أبي شيبة وغيرهم من حفاظ الحديث، هذا أولا، ثانياً العجيب أن الذهبي الذي هو علم في التصحيح ومعروف بالتشدد في التصحيح صحح هذا الحديث، وأنت ترده بالصدر تدفعه هكذا؟ تقول لأن الألباني ضعفه؟ هل قول الألباني مقدم على قول الذهبي، هذا عجيب منك؟ ولذلك نحن قلنا إذا تذكر دكتور محمد البراك إذا صحح الحديث واحد من حفاظ الحديث عند أهل السنة لا يحق للطرف الثاني أن يضعفه، إذاً ما بنخرج بنتيجة، والذهبي والقدماء في تصحيحهم مقدمون على المتأخرين، بل بعضهم يقول أن مثل الألباني لا حق له في التصحيح لأنه ليس من حفاظ الحديث، على كل حال أنا جئت لك بحديث صحيح من كتبك، صححه اثنان من علمائك بل أكثر، والذي أنا عثرت عليه على عجالة اثنين صححوه، وهذا الحديث يدل على أن الأمة ستغدر بعلي، ولم تجب على هذا  الحديث إلا بأن دفعته بالصدر، وأما أنك تقول: إن العقيدة لا تؤخذ بالروايات المختلف فيها، هذه رواية صحيحة موجودة في كتبك، ما هو المختلف فيه، كيف تكون مختلف فيها؟ هل أنه إذا كانت الرواية تخالف معتقدك تخالف الأشياء التي ورثها أهل السنة صارت مختلف فيها؟ ثم تقول: أن الشبهات هذه لا قيمه لها، المهم أنه ما تقوم عليه الحجة، أنا احتج عليك بأحاديث من كتبك، أنا لا آتي بشبهات، أنا آتي بأحاديث صحيحة عندك، أنا أريد منك أن تأتي بحديث واحد صحيح عندي يثبت أن عليا عليه السلام كان يرتضي خلافة أبي بكر وعمر وإلى الآن أنت لم تستطع أن تأتي، ثم تقول ما هو اعتقادك في عمر، نحن نتكلم في موضوع معين، لا نريد أن نشتت الحوار، نحن نتكلم في اعتقاد علي بن أبي طالب في بيعة أبي بكر وعمر، لا اعتقاد علي آل محسن، ليس هذا موضوع الحوار، وأما ما قلت انك تقول أن علي عليه السلام قال أنا لكم وزير خير لي منكم أمير فهذا أوضحته وبينت المراد به، وأنت تحتج بهذا وتفسره برأيك، وتقول: أنني لا أفسر برأيي، أنت اقرأ كلام أمير المؤمنين من أوله إلى آخره، لا أن تقرأ جزء من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، ثم تفسره كما تريد، ثم أنت قلت لا بد أن أرد كلام علي بكلام علي، لا بكلام من عندي، أنا لا أرد كلام علي عليه السلام! وكيف يمكن أن نرد كلام علي بكلام علي، نحن نأتي بما هو حجة، سواء كان كلام علي أم كلام غير علي، المهم هو الحجة، والنبي إنما قال: إن الأمة ستغدر بك، لأن هناك أحاديث عندكم صحيحة أن النبي قال إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذه أحاديث صحيحة، أنا آتيك بأسانيدها بالمداخلة الثانية. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الشيخ محمد البراك  :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أقول: أولاً: الحديث الذي ذكرته، وأقول إن كان قد صححه الذهبي ووافق فيه الحاكم فقد ضعفه آخرون، أنت لم تقبل كلام الألباني في هذا الحديث وفي نفس الوقت أيضاً لم تحتج بكلام كاشف الغطاء، الذي قاله واعترف به لم ترض به وهو الذي قد قال عن الخليفتين أبي بكر وعمر قال: (ولم يستأثروا ولم يستبدوا وأنه بايع وسالم)، لم تقبل ذلك، وفي نفس الوقت تحتج على صحة الحديث الذي ذكرت بأنه قد صححه الذهبي، ووافق فيه الحاكم. لكن انظر من الذين ضعفوه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه علي بن قادم، وقد وثق وضعف، وقال الدارقطني تفرد به حكيم بن جبير عن النخعي، وقال احمد بن حنبل حكيم ضعيف وقال السعدي: كذاب، وهذا في العلل المتناهية، وفيه هشيم بن بشير، وهو ثقة ولكنه مدلس وقد عنعن الرواية، فإذا عنعن فلا يقبل منه، والمدلس كما قرر أهل الجرح والتعديل: يقبل منه ما قال حدثني ولا يقبل منه ما قال: (عن)، وغير هذا الحقيقة الكلام كثير في تضعيفه أضعاف من قالوا بتصحيحه، وعدد الذين من الذين قالوا بتضعيف هذا الحديث وردوه وأبطلوه أقول: هم أضعاف ممن قال وانفرد بتصحيحه وهذه من القسمة الضيزى التي لا يقبلها العقلاء، طبعاً هذه الروايات أنا أقول تقول، بأن الأمة تغدر به، أنا أقول: ما الذي ينفي وما الذي أيضا يمنع أن يكون الذين غدروا به هم الشيعة؟ كما قال علي رضي الله عنه في نهج البلاغة، قال: ( لوددت والله، أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فاخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلا منهم، يا أهل الكوفة منيت منكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو كلام، وعمي ذوي أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء، تربت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها. هذا قاله في نهج البلاغة، صفحة 224، فنقول هؤلاء ربما الذين يعنيهم علي رضي الله عنه، والذين أخبره بهم النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم يغدرون به، وأنهم يفعلون به ما فعلوا، ثم الذين قتلوه، من هم، هم الخوارج، ونحن نتبرأ بل نلعن من قتل عليا رضي الله عنه، عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل عليا رضي الله تعالى عنه، هو خارجي من أئمة الخوارج ونحن نتبرأ منه ومن فعله ومن قتله لعلي رضي الله عنه وأرضاه، أقول: هذا يرد الذي ذكرته سنداً ومتناً، يعني السند باطل والمتن كذلك، لا يمكن الاحتجاج به، لأنه يحتمل احتمالات، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم الفئة التي تغدر بعلي رضي الله عنه، والتي تقتله ونحن عرفنا أن الذي قتلوه هم الخوارج، والذين علي رضي الله تعالى عنه تبرأ منهم، وتبرم منهم ومن أذاهم له هم أقول الشيعة الذين تمنى أن يكون معه من أهل الشام ممن كان مع معاوية، وأن يصارفهم صرف الدينار بالدرهم، ولكن أقول يا شيخ علي، الناس بحاجة لسماع كلمة الحق بشجاعة وبدون مواربة، وسؤال في آخر هذه المناظرة، ما هو موقفك من عقيدة لعن الشيخين رضي الله تعالى عنهما؟ ماذا تقول لمن يلعن الشيخين ومن يعتقد جواز لعنهما ؟ هذا هو السؤال، نحن بحاجة والمسلمون بحاجة والشيعة بحاجة إلى أن يسمعوا منك الإجابة الشافية على مثل هذا السؤال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وحبيب إله العالمين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين: أما قولك ضعفه آخرون بل الذين ضعفوه أضعاف من صححوه فهذا غير صحيح، ولا بد أن أبين للمستمعين الإخوان الأعزاء، ربما الآن تأتي إلى حديث الثقلين، تجد في بعض الكتب انه مثلا يأتي في كتاب مجمع الزوائد للهيثمي، يقول رواه الطبراني وفيه فلان وهو ضعيف، إنما يتكلم في سند الطبراني ولا يتكلم في نفس الحديث الذي هو صحيح من طرق أخرى، فلو أن هذا الحديث ضعف، ضعفه فلان الهيثمي أو كذا هذا يتكلم عن الأسانيد التي هو ينقل عنها من الطبراني من البزار من أبي يعلى لا مطلقاً، لذلك حتى لو ضعف بتلك الطرق فإنه صحيح بهذا الطريق، الذي صححه الحاكم والذهبي وعلى هذا الأساس ما قلته ساقط، لأنه حتى لو ضعف بأسانيد ضعيفة فهو صحيح بهذا السند، ثانيا: قولك أنني لم أرض بكلام كاشف الغطاء هذا أجبنا عليه، لا داعي للتكرار أخي العزيز، وأما قولك إن الأمة ستغدر بعلي، قلت الذين غدروا بعلي هم الشيعة؟ هل يعني أن الشيعة هم أمة رسول الله؟ قال : (إن الأمة ستغدر بك يا علي)، الأمة، الأمة، فهل انتم أهل السنة خارجون عن الأمة؟ لستم من أمة رسول الله؟ لذلك أنت قلت إن الأمة هم الشيعة. ثم العبارات التي ذكرتها أنه قال لوددت أن معاوية صارفني صرف الدينار بالدرهم، هذه الروايات لا يتكلم الإمام عن الشيعة، وإنما يتكلم عن أصحابه، هو خليفة للمسلمين، والذين ذهبوا لنصرته هم أخلاط، لو سلمنا انه قال للشيعة هكذا فأين هم أهل السنة؟ لماذا لم ينصروا عليا عليه السلام؟ ثم أنت تقول إن الناس  محتاجون إلى أن يعرفوا اعتقادي في قضية لعن الشيخين، قلنا إن هذا كلام خارج عن موضوع الحوار ومن معايير الحوار أن لا نخرج عن نقطة الحوار، لذلك أخي العزيز لا داعي لتكرار هذه الجملة، وأنا أعطيتك كامل الحرية في اختيار الموضوع وهذا كررته لك مرارا وتكرارا، أمير المؤمنين سلام الله عليه إنما لم يبايع أبا بكر وعمر ولم يعتقد بأنهما خليفتا حق لأن الروايات في كتبكم كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إني تارك فيكم خليفتين في بعضها الثقلين، خليفتين فما معناه ؟ كتاب الله لا بد أن نتبعه، وعترتي أهل بيتي، هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده وقال شعيب الأرنؤوط إذا كنت تقبل تصحيحه قال: هذا حديث صحيح بشواهد والألباني صححه في صحيح الجامع الصغير قال: رجاله ثقات، وفي موضع آخر قال رواه أحمد وإسناده جيد، فعلى هذا الأساس النبي قال أن أهل البيت خلفاء، خليفتين، كما لا يجوز لك أن تترك إتباع القرآن لا يجوز أن تترك إتباع أهل البيت، أيضا الحاكم النيسابوري روى في حديث أنه قال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام، وهذا حديث قال الذهبي: صحيح.. صحيح.. إنه لا ينبغي أن أذهب وإلا وأنت خليفتي؟ من قال النبي له: أنت خليفتي، كيف يصحح خلافة غيره من الناس؟ والأحاديث التي فيها ذكر خليفتي أيضا صحيحة، روى الهيثمي أنه قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير أبي بلج الفزاري، وهو ثقة، فيه لين.  

الشيخ محمد البراك :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أقول: مع احترامي للشيخ، إن إشكالاته التي يطرح تذكرني بطريقة النصارى في احتجاجهم على المسلمين، لأن النصارى يأتوننا بنص من كتاب الله عز وجل ويتركون ما عداه من النصوص، فمثلاً يقولون انتم تجيزون الخمر والدليل في كتابكم قول الله سبحانه وتعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس)، ويقول الله سبحانه وتعالى: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)، طيب إذا قلنا لهم: إن الخمر محرمة، والدليل على ذلك هو آية في كتاب الله عز وجل وهي قول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)، قالوا: نحن لا نلتزم ولا نعترف بكتبكم، ولا نأخذ بما فيها، لأنهم يأخذون ما بدا لهم، ويتركون ما خالف أهواءهم والله سبحانه وتعالى قد ذكر أن من صفات المنافقين أنهم يأخذون ما يرونه موافقا لمعتقدهم وما يريدون، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النور: (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وان يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون)، ولذلك أنت إذا استشهدت بكتبنا بأحاديث فينبغي عليك أن تقبل الأحاديث الأخرى التي تفسر هذا الإشكال الذي عندك، وأيضا ما فيها من الروايات الأصح، كيف نترك رواية في صحيح البخاري الذي نتفق نحن أهل السنة على صحة ما فيه ثم ننقض هذه الرواية بحديث في مستدرك الحاكم، أو في غيره من المصادر الأخرى، أقول: هذا إجحاف يذكر بطريقة النصارى في النقاش وفي الحوار، فهم يأخذون ما بدا لهم وما وافق هواهم ويتركون ما فيه  حجة عليهم والله قد ذم هذا المسلك وبين أن هذه من صفات المنافقين ولذلك نقول: ينبغي أن نجتنب هذه الأقوال وهذه الطريقة في الاستدلال وفي الاحتجاج على من خالفنا، أخيراً أقول: الشجاعة مهمة في بيان الحق ولو سألتني عن أحد من الناس والله ما ترددت في الإجابة عليه وليس رغبة في الإساءة لأحد، ولكن الحق الذي أدين الله سبحانه وتعالى به، واعتقده وأبينه للناس، رضي من رضي وغضب من غضب، نقول: هذا الخلاف في خلافة أبي بكر وعدم ثبوتها، نقول: هو خلاف والله أمره أهون مما يقع فيه الشيعة وهو يثير ويغضب المسلمين! ويورث العداوة والبغضاء والحقد عند سائر المسلمين حين يسمعون شيعيا يلعن أبا بكر وعمر ويتبرأ منهما، ما موقفه، لأجل أنهم قالوا لأن القضية ليست قضية سهلة، قضية الخلافة لو كان الأمر فيها فقط مجرد أنه أحق بالخلافة وعدم الأحقية لكان الأمر سهلا، كما هو حال الزيدية، لكن ما يترتب على هذا الأمر وهو ما تستفتحون به كلامكم دائما اللهم ألعن أول ظالم لآل محمد وتقصدون به أبا بكر ثم بعده عمر. أقول: هذه الإجابات يا شيخ علي لها أهمية كبيرة ولذلك أنا أكرر الكلام فيها، هل يجوز لعن الشيخين؟ ما المقصود بصنمي قريش؟ أيضا كلام كاشف الغطا في نفي غدر الشيخين بعلي رضي الله عنه، وقوله بأنهما لم يستأثرا ولم يستبدا، الطعن في الزهراء والكلام في الزهراء والذي جاوز حدود الأدب، أقول: هذا الكلام لا ينبغي فيه المجاملة وإنما يحتاج إلى الشجاعة وإلى الجراءة في الحق وإلى بيانها، لأني وإياك سنقف بين يدي الله سبحانه وتعالى، وهذا الكلام الله سبحانه وتعالى يقول: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، هذا الكلام الذي نقوله إما لنا أو علينا، فليعد الإنسان نفسه لهذا الموقف الذي سيقفه بين يدي الله سبحانه وتعالى، هل ما جرى في هذا اليوم وفي هذه الليلة لا يهمنا من يشجع أو يصفق أو يؤيد أو ما أشبه ذلك، ولكن هل كلامنا هذا مرضي عنه؟ أم أن هذا الكلام سيكون حجة علينا بين يدي الله سبحانه وتعالى. أنا أقول والله سبحانه وتعالى شهيد على ما أقول، والله لا أريد بذلك أقول رضا أحد من الخلق أو مجاملة لأحد، بل والله إن الذي أقوله والذي طرحته في هذه الليلة هو ما أدين الله سبحانه وتعالى به، والذي أرجو أن الله عز وجل يغفر لي ويتجاوز عني وان يثيبني على هذا الكلام الذي أتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى حينما أقول هذا الكلام وأدعو إليه، الحقيقة لم نجد في كلام الشيخ طول هذه المناظرة ما يشفي الغليل ويبين الحق وخصوصا أن عليا رضي الله تعالى عنه قد دخل تحت امرأة الشيخين وزوج ابنته لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ولم يعرف عنه مخالفة لهما والله سبحانه وتعالى أعلم، وأعلى وأحكم وهو حسبنا ونعم الوكيل، وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق وأن يهدي الله سبحانه وتعالى الجميع إلى الحق، وأسأله سبحانه وتعالى أن يهدي الشيعة للحق ويهدي السنة للحق، يهدي الجميع لما يحبه ويرضاه، نسأله أن تكون هذه المناظرة وغيرها من المناظرات سبباً في جمع الكلمة وتأليف القلوب واجتماعنا على كلمة سواء، الكلمة التي تنفعنا بين يدي الله سبحانه وتعالى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الشيخ علي آل محسن :

بسم الله الرحمن الرحيم أنا أشكر فضيلة الشيخ حفظه الله وإن شاء الله يكون هذا الحوار مثمر والمهم هو أن نلتزم بمعايير الحوار والنقاش وأما قوله أن هذا مثل احتجاج النصارى وانه من صفات المنافقين أنا لا أقول في حقه مثل هذا الكلام، أما أنهم يأخذون ببعض ويتركون بعض، المنافق يأخذ ببعض القرآن ويترك البعض الآخر، نحن في مقام حوار، وأنا احتج عليك بكتبك، لا أحتج عليك بكل ما في كتبك، طبيعي أن احتج عليك بما يؤيد حجتي من كتبك، أنت أيضا نفس الشيء تحتج علي بما يؤيد حجتك من كتبي، لذلك أنت احتججت ببعض كلمات أمير المؤمنين عليه السلام من اجل الاحتجاج علي، ولم تنظر إلى الخطبة الشقشقية، التي الإمام سلام الله عليه يبين (لقد تقمصها مني ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى) هذه لم تأت بها، أنا لا ألزمك بها، لأن هذه ليست حجة عليك، فإذن أنا وأنت نفس الشيء، لا أنه أنا لا بد أحتج بكل كتبك، وأنت تحتج بكل كتبي، هكذا إذن ينتهي الحوار، وأما ما قاله فضيلة الشيخ كيف نترك حديث البخاري بحديث رواه الحاكم، هذا في مقام الاستدلال انتم لما تستدلون على عقائدكم ترجحون البخاري على الحاكم، أنا في مقام الاحتجاج عليك احتج عليك بكل ما هو صحيح عندك، لا ألتزم بما هو في البخاري، هناك فرق بين ما احتج به وما انتم تستدلون به، لا أريد أن أجعل هذه المداخلة مسألة رد، وعلى كل حال، أنا اشكر الدكتور الشيخ محمد البراك وباقي الإخوة الأعزاء في هذه الغرفة الخاصة وباقي الأخوة الذين يستمعون إلى هذه المحاورة، إن شاء الله الأخوان ينسقون إلى إكمال هذا الحوار وأرجو من فضيلة الشيخ محمد البراك أن يلتزم بالمعايير التي وافق عليها، وأما مسألة الكلام في معتقدي في أبي بكر وعمر هذا لا داعي لتكراره؛ لأنه خارج عن النقطة التي نتحاور فيها.

الشيخ محمد البراك :

أقول: في عرف الفقهاء والعلماء، إن المجمل يفسره المفصل، وان المتشابه يفسره كذلك المحكم، وما في البخاري عندنا محكم ونص في المسألة وأن عليا رضي الله تعالى عنه بايع لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، أما ما في الحاكم، فليس فيه نفي البيعة، وليس فيه كذلك أن عليا ينكر خلافة أبي بكر الصديق ولا خلافة عمر رضي الله عنه، وإنما غايته أولا: مسألة الضعف، ثم المتن فنقول: لا يأتي الإنسان يعارض المفصل بالمجمل ولا يعارض المحكم بالمتشابه، ذكرت خطبة الشقشقية وهي قد ضعفها علماء الشيعة، آية الله المؤيد اعتبرها ضعيفة، وفيها عكرمة وعكرمة ضعيف فلذلك هذه لا يحتج بها، ولا يصح الاحتجاج بهذه الخطبة، ولذلك هي خارجة عن هذا الموضوع، أقول الحقيقة يا شيخ علي، نعم نحن لا بد أن نكون دعاة حق ودعاة صدق، وأن نتقي الله سبحانه وتعالى فيما نقول وفيما نفعل، وفيما نعتقد وفيما ندعو الناس إليه، وأن نراقب الله سبحانه وتعالى، أوجه هذا الكلام لنفسي أولاً ثم لغيري من الذين يستمعون وللجميع، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) وفي آية أخرى: (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) أقول علي رضي الله تعالى عنه إمام والشيعة يعتقدون إمامته وفضله ومنزلته، فنقول أنا أسألك يا شيخ علي، هل تقتدي بالإمام علي، فتسمي أبناءك بما سمى به علي أبناءه، سمى عمر، وسمى أبا بكر، هل تسمى أبناءك بهذه الأسماء ينبغي أن نصدق في الإتباع وأن يكون إتباعنا إتباعا لعلي رضي الله عنه في كل أحواله وفي كل شؤونه وفيما يقول وفيما يعتقد، لذلك نحن أهل السنة لا تجد في  أهل السنة أحدا يتبرأ من علي رضي الله عنه، ولا تجد أحداً يصف عليا بوصف فيه قدح في علي أو تنقيص لمنزلته، نحن لذلك نقول دائما ونردد: نحن موالون لآل البيت، نحن محبون لآل البيت، نحن متابعون لآل البيت نحن نترضى عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، نعرف فضلهم ومنزلتهم ومكانتهم ونعترف لهم بذلك، ونسمي أبناءنا بأسمائهم وإذا ذكرناهم لا نذكرهم إلا بالحسن وبالجميل، وهذا هو ما نعتقد، وما يفعله أهل السنة، ولا تجد في مسجد من مساجد أهل السنة، لو بحثت فيها من المشرق إلى المغرب، من أقصى المغرب لأقصى المشرق في مساجد أهل السنة لا يجرؤ مسلم من أهل السنة أن يقدح في علي رضي الله تعالى عنه بأي شيء، هذا دليل على المتابعة والمحبة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، بينما في المقابل نجد أن الشيعة يسيئون لرموزنا ولأئمتنا، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وكذلك بقية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم نجد من الشيعة من يزجر هؤلاء ومن ينهاهم ومن يخطئهم فيما يقولون... (انقطع الصوت).

أقول: أختم هذه المداخلة وهذا اللقاء وهذه المناظرة بأسئلة وان رآها الشيخ خارجة عن الموضوع فهو قد طرح أشياء خارجة عن الموضوع تتعلق بالزهراء رضي الله تعالى عنها، فلذلك أنا أقول أطرح وأكرر هذه الأسئلة التي أهل السنة بحاجة لسماع الإجابة عليها، ما رأيك في لعن الشيخين؟ وما المقصود بصنمي قريش؟ وكذلك قول كاشف الغطاء حينما نفى عن الشيخين الاستئثار والاستبداد ؟ ثم كذلك الطعن في الزهراء فيما قاله كاشف الغطاء أنها خرجت عن حدود الأدب، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.