هل كان للنبي (ص) بنات غير فاطمة الزهراء (ع)؟

لقد كثر التساؤل في الآونة الأخيرة حول زينب ورقية وأم كلثوم، هل هن بنات رسول الله صلى الله عليه وآله، أو أنهن كن ربائبه، لأنهن بنات زوجته خديجة من زوجين سابقين، أو أنهن بنات أخت خديجة التي اسمها: (هالة)، إلا أن خديجة عليه السلام تولت تربيتهن بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وآله، وبعد وفاة أختها هالة.

ولبيان هذا الأمر نقول: إن المعروف المشهور شهرة عظيمة بين علماء الشيعة الإمامية والمجمع عليه عند غيرهم هو أن زينب ورقية وأم كلثوم بنات رسول الله صلى الله عليه وآله، وبهذا تضافرت كلمات أعلام الطائفة.

قال الشيخ المفيد قدس سره في أجوبة المسائل العكبرية (المسألة الخمسين)، ص 120 في جواب سؤال حول زينب ورقية، هل هما ابنتا رسول الله صلى الله عليه وآله أو ربيبتاه، فأجاب قدس سره بقوله: والجواب أن زينب ورقية كانتا ابنتي رسول الله صلى الله عليه وآله، والمخالف لذلك شاذ بخلافه.

وقال الكليني قدس سره: وتزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة، فولد له منها قبل مبعثه عليه السلام: القاسم، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وولد له بعد المبعث: الطيب والطاهر وفاطمة. وروي أيضاً: أنه لم يولد بعد المبعث إلا فاطمة عليها السلام، وأن الطيب والطاهر وُلدا قبل مبعثه. (الكافي 1/439).

وقال الشيخ الطبرسي قدس سره: فأول ما حملت ولدت عبد الله بن محمد وهو الطيب الطاهر، وولدت له القاسم، وقيل: إن القاسم أكبر، وهو بكره، وبه كان يُكنَّى، والناس يغلطون فيقولون: وُلد له منها أربع بنين: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر، وإنما وُلد له منها ابنان وأربع بنات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة. (إعلام الورى بأعلام الهدى، ص 146).

وقال ابن شهراشوب قدس سره: أولاده: وُلد من خديجة: القاسم، وعبد الله، وهما الطاهر، والطيب، وأربع بنات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وهي آمنة، وفاطمة، وهي أم أبيها. ولم يكن له ولد من غيرها إلا إبراهيم من مارية، وُلد بعالية في قبيلة مازن في مشربة أم إبراهيم، ويقال: ولد بالمدينة سنة ثمان من الهجرة، ومات بها وله سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، وقبره بالبقيع. (مناقب آل أبي طالب 1/140).

وقال المحقق التستري رحمة الله عليه: ثم لا ريب في أن زينب ورقية كانتا ابنتي النبي صلى الله عليه وآله. (قاموس الرجال 9/450).

وقد ذكر المامقاني قدس سره في كتابه تنقيح المقال كلاماً جيداً في هذه المسألة في ترجمة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، لا بأس بذكره. قال قدس سره: وللسيد أبي القاسم العلوي الكوفي في (الاستغاثة في بدع الثلاثة) كلام طويل، أصرَّ فيه على أن زينب التي كانت تحت أبي العاص بن الربيع، ورقية التي كانت تحت عثمان، ليستا بنتيه صلى الله عليه وآله، بل ربيبتاه، ولم يأت إلا بما زعمه برهاناً، حاصله: عدم تعقل كون رسول الله صلى الله عليه وآله قبل البعثة على دين الجاهلية، بل كان في زمن الجاهلية على دين يرتضيه الله من غير دين الجاهلية، وحينئذ فيكون محالاً أن يزوج ابنته من كافر، من غير ضرورة دعت إلى ذلك، وهو مخالف لهم في دينهم، عارف بمكرهم وإلحادهم، ثم أخذ في نقل ما يقضي بوجود بنتين لأخت خديجة من أمها، اسمهما زينب، ورقية، وأنهما اللتان كانتا تحت أبي العاص وعثمان، وهذا لب كلامه، تركنا نقله لطوله، وهو وإن أتعب نفسه إلا أنه لم يأت بما يغني عن تكلف النظر والثبوت، وأنه كبيت العنكبوت.

أما أولاً: فلأنه يشبه الاجتهاد في قبال النصوص من الفريقين عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أئمتنا عليهم السلام.

وأما ثانياً: فلأنا وإن كنا نسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن في زمان الجاهلية على دين الجاهلية، بل على دين يرتضيه الله تعالى، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن مشرعاً، بل كل حكم كان ينزل عليه كان يلتزم به تمام الالتزام، ولم يكن يخترع من قبل نفسه حكماً، والأحكام كانت تنزل تدريجاً، وعند تزويجه زينب ورقية لم يكن الكفاءة في الإيمان شرطاً، فزوج بنتيه من الرجلين تزويجاً صحيحاً شرعاً في ذلك الزمان، ثم لما أنزل الله تعالى قوله: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) فرَّق بين أبي العاص وبين زينب، ولو كانت الكفاءة في الإسلام شرطاً قبل ذلك لما أنزل الله سبحانه الآية، فما ذكره لا وجه له.

وأما ثالثاً: فلأنه لا شبهة في كون زينب ورقية اللتين تحت أبي العاص وعثمان مسلمتين، كما لا شبهة في كون تزويجهما من رسول الله صلى الله عليه وآله، وبإذنه وبإجازته، فلا يفرق الحال بين أن تكونا بنتيه أو ربيبتيه، أو بنتي أخت خديجة من أمها، أو غير ذلك؛ لاشتراك الجميع فيما جعله علة للإنكار، فما ذكره ساقط بلا شبهة، وإنما أجملنا الكلام في ذلك لعدم كون وضع الكتاب لتحقيق مثل ذلك، وإنما ألجأتنا إطالة صاحب التكملة بنقل كلمات صاحب الاستغاثة وغيره إلى هذا الإجمال؛ لئلا تغتر بذلك المقال إن عثرت عليه. (تنقيح المقال 3/79).

ويدل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان عنده عدة بنات قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59).

مضافاً إلى أن الأنساب إنما تثبت بالشهرة، والشهرة حاصلة في المقام، وقد اطلعت على ما كتبه بعض فضلاء الشيعة في الاستدلال على أن زينب، ورقية، وأم كلثوم، لم يكنَّ بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وإثبات أنهن ربائبه، فلم أجد الأدلة التي ذكروها تامة، بل كلها عندي ضعيفة، متكلفة، كتبت بنتائج مسبقة، والله العالم.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 6
1
ابو عبدالله
[ البحرين - المنامة ]: 30 / 9 / 2009م - 10:57 ص
السلام عليكم و الرحمة
اذا كان ماترمي له صحيح حسب الروايات و التحليلات؟ هناك عدة اسئلة 1- ما تفسير سورة الأبتر ؟
2- لماذا يخص النبي (ص) بالحب والعطف دون بناته... الايعتبر ذلك تفرقه؟
3- هل يقبل النبي (ص) ان يزوج بناته لكفرة و هل هو كان ملزماً بذلك على الرغم من سيرتهم والشك في نسلهم؟
ليس عدم وجود دليل او روايه دليل على ان الموجود صحيح....وشكراً
تعليق الإدارة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته: الأخ العزيز .. تم عرض أسئلتكم على سماحة الشيخ فأجاب عما قلت بما يلي: 1- تفسير سورة الكوثر لا يرتبط بموضوع باقي بنات رسول الله صلى الله عليه وآله، وكون كثرة النسل من السيدة الزهراء عليها السلام لا ينفي وجود بنات أخريات لرسول الله صلى الله عليه وآله. 2- تخصيص النبي صلى الله عليه وآله السيدة الزهراء عليها السلام بمزيد من الحب والرعاية لأنها كانت أفضل من باقي بناته، وكانت سيدة نساء العالمين دونهن، وهذا لا يعني أن بنات رسول الله صلى الله عليه وآله الأخريات كن محرومات من رعايته وعنايته. 3- التزويج من كفرة لا ينفي النسب، كما في قصة لوط الذي أراد أن يزوج بناته ممن استحقوا العذاب الأليم، وكون باقي البنات ربائب لا يسوغ تزويجهن من كفرة، فالإشكال قائم على كل حال، وجوابه هو أن النبي صلى الله عليه وآله إنما يزوج بحسب ظاهر الإسلام وهو كاف، ولا يشترط في صحة التزويج الإيمان والتقوى، وتزويج زينب كان قبل البعثة، والنبي (ص) لم ينه عن تزويج الكفار حينئذ. ثم إني نقلت أقوال علماء المذهب ولم آت بشيء من عندي، وهذه المسألة لا تعالج بالهوى وإنما تعالج بالأدلة الصحيحة. والروايات كلها دالة على أن زينب ورقية وأم كلثوم بنات رسول الله صلى الله عليه وآله، فلا يصح طرح هذه الروايات لمجرد استبعادات لا تصح. والسلام عليك.
2
عبد العزيز
[ السعودية - القطيف ]: 9 / 10 / 2009م - 4:40 م
المعروف أن زينب ورقية وأم كلثوم هن بنات رسول الله (ص) ومن يقول خلاف ذلك فعليه الدليل
3
Mohammed ali
[ KSA - saihat ]: 9 / 10 / 2009م - 4:41 م
شكرا لسماحة الشيخ على الموضوع ..
4
محمد
[ القلعة - القطيف ]: 12 / 10 / 2009م - 8:30 م
أن القرآن حين أثبت الولاية لأمير المؤمنين [عليه السلام]، قال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} سورة المائدة: الآية: 55.
وهذه الآية قد نزلت في خصوص أمير المؤمنين [عليه السلام] حينما تصدق بخاتمه على الفقير، وكان ذلك منه [عليه السلام] في حال ركوعه في صلاته، وقد ثبت ذلك بالروايات المعتبرة والصحيحة التي رواها المسلمون في كتب تفاسيرهم، وفي مجاميعهم الـحديثية وغيرها..
وقد لاحظنا أنه سبحانه قد جاء بصيغة الجمع، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ولم يقل الذي آمن، وأقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع، مع أنه لا يقصد سوى فرد واحد بعينه، وخصوص واقعة معروفة ومحددة.
ولو صح ما ذكره هذا البعض، وأردنا أن نأخذ بالقاعدة التي زعم أنها تجري في مثل هذه الموارد، لكان لا بد من القول: إن المقصود هو أشخاص كثيرون، ولا ينحصر الأمر بعلي [عليه السلام] إلا أن يدعي أيضاً: أن هذه الآية لم تنزل في إمامة أمير المؤمنين علي [عليه السلام]، كما ادعى أن آية: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ} لم تنزل في الأئمة الإثني عشر..
2 ـ إن الله سبحانه في آية المباهلة يقول: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} سورة آل عمران: الآية: 61.
فقد قال: {وَنِسَاءنَا} بصيغة الجمع، مع أن المقصود هو خصوص الزهراء [عليها السلام]، وهي فرد واحد. وقد دلت النصوص الكثيرة التي رواها السنة والشيعة على أنها [عليها السلام] هي المقصودة بالآية..
ومن يدري فلربما يأتي الوقت الذي ينكر فيه هذا البعض حتى هذا الأمر أيضاً.. وإن غداً لناظره قريب..
كما أنه سبحانه قال: {وأَبْنَاءنَا} ويقصد بذلك الحسن والحسين [عليهما السلام] وهما اثنان فقط.
3 ـ كما أنه تعالى يقول: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ الْمَوَدَّةَفِي الْقُرْبَى} سورة الشورى: الآية: 23. والمقصود هم المعصومون منهم، دون سواهم، من ذوي قرباه [صلى الله عليه وآله].
4 ـ وقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} سورة الأحزاب: الآية: 33.
ويقصد الخمسة أصحاب الكساء، دون كل من عداهم من أهل بيته [صلى الله عليه وآله] إذ لا شك في عدم دخول العباس وأبنائه وعقيل وجعفر وو.. فهؤلاء جميعاً غير داخلين في المراد من الآية فضلاً عن نسائه [صلى الله عليه وآله].
وأما بالنسبة لبقية الأئمة الإثني عشر [صلوات الله وسلامه عليهم] فقد جاء في الروايات عن أهل بيت العصمة أنهم داخلون في المراد من الآية أيضاً.
وبعد ما تقدم نقول: إن قوله تعالى: {وبناتك} يقصد به أيضاً خصوص الزهراء [عليها السلام]، إذ قد دل الدليل على عدم وجود بنات للنبي [صلى الله عليه وآله] سواها. وقد ذكرنا طائفة من هذه الأدلة في كتابنا «بنات النبي أم ربائبه». نلخصها هنا على النحو التالي: إن مما يدل على عدم وجود بنات للنبي [صلى الله عليه وآله] سوى الزهراء [عليها السلام]:
1 ـ النصوص التي ذكرت: أن ابناء رسول الله [صلى الله عليه وآله]، ومنهم فاطمة [عليها السلام] قد ولدوا جميعاً بعد البعثة(1).
2 ـ إن سورة الكوثر قد نزلت بعد موت ابناء رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وبعد قول العاص بن وائل وغيره: قد انقطع نسله، فهو أبتر، اذ أن القاسم مات أولا، ثم مات عبد الله(2) وحين مات القاسم كان عمره سنتين، وهو أكبر ولده، وقيل عاش حتى مشى(3).
وقد مات القاسم بعد النبوة كما تدل عليه الأحاديث والنصوص(4). فجاءت هذه السورة، لتكون بشارة لرسول الله [صلى الله عليه وآله] ببقاء نسله وذكره ورسالته من خلال ذرية فاطمة [عليها السلام]، حيث كانت [عليها السلام] هي آخر من ولد لرسول الله [صلى الله عليه وآله](5).
وذلك كله يدل على أنه لم يكن له [صلى الله عليه وآله] بنات تزوجن في الجاهلية بابناء أبي لهب، ثم طلقوهن، ثم لما بعث رسول الله [صلى الله عليه وآله] تزوجت إحداهن من عثمان، وهاجرت معه في السنة الخامسة إلى الحبشة.
3 ـ إنه وان كان قد اشتهر بين الناس ما ذكره ابن اسحاق من أن النبي [صلى الله عليه وآله] قد تزوج خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة.. لكن هناك أقوال أخرى في تاريخ هذا الزواج.. لا يمكن معها القول بأنها قد ولدت له بنات وكبرن، وتزوجت اثنتان منهن بابني أبي لهب، ثم لما بعث [صلى الله عليه وآله]، طلقتا منهما، وتزوجتا بعثمان.. وذلك لأن هناك من يقول: إن خديجة [عليها السلام] قد تزوجت برسول الله [صلى الله عليه وآله] قبل البعثة بخمس سنين(6). وقيل: قبلها بثلاث سنين(7).
4 ـ إن إحدى هاتين البنتين هي أم كلثوم ـ التي يدعون أنها بعد أن طلقت من ابن أبي لهب ـ قبل الدخول ـ !! بقيت عزباء إلى أن تزوجها عثمان أيضاً، بعد موت أختها بعد الهجرة بمدة.
واللافت: أننا لا نجد لها ذكراً في جملة النساء اللواتي هاجرن مع علي [عليه السلام]، بوصية من رسول الله [صلى الله عليه وآله].. بل ذكرت الفواطم، وأم أيمن، وجماعة من ضعفاء المؤمنين(8).
5 ـ هناك رواية ذكرها أبو القاسم الكوفي مفادها: أن زينب ورقية كانتا بنتين لزوج أخت خديجة، من امرأة أخرى، فمات التميمي وزوجته، وبقيت الطفلتان، فضمتهما خديجة إليها، فهما ربيبتا خديجة ورسول الله [صلى الله عليه وآله](9).
6 ـ ذكر ابن شهر آشوب: أن زينب ورقية كانتا [ابنتي هالة أخت خديجة] كما في كتابي الأنوار والبدع(10).
وقال ابن شهر آشوب أيضاً: «.. وفي الأنوار، والكشف واللمع، وكتاب البلاذري: أن زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش»(11).
7 ـ إن من يدعي: أن للنبي بنات غير فاطمة يقول: إنهن بناته [صلى الله عليه وآله] من خديجة.. مع أن خديجة حسبما تؤيده الشواهد والأدلة قد تزوجها رسول الله [صلى الله عليه وآله] بكراً، ولم تكن قد تزوجت من أحد قبله [صلى الله عليه وآله]. ومن شواهد ذلك:
ألف ـ تناقض الروايات حول هذا الزواج المزعوم، وتاريخ هذا الزواج، وكم ولدت؟ ومن ولدت له(12).
ب ـ إن التي تمتنع من الزواج بأشراف قريش، لا تتزوج أعرابياً من بني تميم، ولو فعلت ذلك لعيرت به(13). وهذا البعض قد استدل بتعيير العرب على نفي ضرب الزهراء [عليها السلام]، المتواتر روائياً وتاريخياً، فلماذا لا يستدل به على نفي تزوج خديجة من أعرابي.
ج ـ قال ابن شهر آشوب: روى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، والمرتضى في الشافي، وأبو جعفر في التلخيص: أن النبي [صلى الله عليه وآله] تزوج بها، وكانت عذراء.
يؤكد ذلك، ما ذكره في كتابي الأنوار والبدع: أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة، أخت خديجة(14).
8 ـ قد روي عن أبي الحمراء، عن النبي [صلى الله عليه وآله] قوله: «ياعلي أوتيت ثلاثا، لم يؤتهن أحد ولا أنا، أوتيت صهرا مثلي، ولم أؤت أنا مثلي. وأوتيت صديقة مثل ابنتي، ولم أوت مثلها [زوجة]. وأوتيت الحسن والحسين من صلبك، ولم أوت من صلبي مثلهما، ولكنكم مني، وأنا منكم»(15).
وقريب منه ما روي عن أبي ذر، مرفوعاً(16).
فلو كان ثمة صهر لرسول الله [صلى الله عليه وآله] غير علي [عليه السلام]، لم يصح قوله [صلى الله عليه وآله]: «أوتيت صهرا مثلي، ولم أوت أنا مثلي..» لا سيما وأن هذا الكلام قد جاء بعد ولادة الحسنين [عليهما السلام]. إذ أن الإشكال يصبح ظاهراً، فإن هذه الفضيلة لا تختص بعلي [عليه السلام]، بل يشاركه فيها عثمان.
9 ـ وفي صحيح البخاري: أن رجلاً حاول أن يسجل إدانة لعثمان ولعلي على حد سواء، فتصدى لابن عمر، فكان بينهما كلام، وكان مما قاله له: فما قولك في علي وعثمان..؟
قال: أما عثمان، فكان الله قد عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه. أما علي، فابن عم رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وختنه، وأشار بيده، فقال:
وهذا بيته حيث ترون(17).
فنلاحظ: أن دفاع ابن عمر عن عثمان، قد اقتصر على أنه حين فر يوم أحد قد عفا الله عنه، لكن الخارجين عليه لم يعفوا عنه، بل قتلوه.. ولم يذكر أنه صهر رسول الله، أو نحو ذلك..
أما بالنسبة لأمير المؤمنين [عليه السلام] فقد وصفه بأنه ابن عم رسول الله، وصهره وكون بيته ضمن بيوت رسول الله [صلى الله عليه وآله]..
فلو كان عثمان صهراً لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، لكان على ابن عمر أن يستدل به أيضاً، كما استدل به بالنسبة لأمير المؤمنين [عليه السلام]، لأنه بصدد الاستدلال بكل ما يساعد على دفع التهمة عن عثمان.. فلا معنى لترك هذا البرهان القوي، الدال على ثقة رسول الله [صلى الله عليه وآله] به، والتمسك بدليل ضعيف وسخيف. لأن العفو عن الفارين يوم أحد كان مشروطا بالتوبة.. وهذا إنما يشمل الذين عادوا مباشرة بمجرد معرفتهم بسلامة رسول الله، لا بالنسبة لمن لم يعد من فراره إلا بعد ثلاثة أيام.
ولو سلمنا أن الله قد عفا عنه.. فلا يلزم من ذلك لزوم عفو الناس عنه أيضاً، بعد أحداثه التي ارتكبها بحقهم.
بل إن عفو الله سبحانه في أحد بهدف التأليف والتقوية في مقابل العدو، لا يلزم منه عفوه عنه بعد ذلك، إذا كان قد ارتكب في حق المسلمين ما يوجب العقاب، فضلاً عن أن يوجب ذلك عفو الناس.
10 ـ وأخيراً.. فإننا نلفت النظر إلى أن هذا البعض قد اعترف بأن خطبة الزهراء [عليها السلام] في المهاجرين والأنصار موثوقة، وهو بنفسه أيضاً قد شرح هذه الخطبة، وقد جاء فيها إشارة إلى حقيقة أن الزهراء [عليها السلام] كانت هي البنت الوحيدة لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، حيث قالت[عليها السلام]: «فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزى إليه».
ولو كانت زوجتا عثمان ابنتين لرسول الله [صلى الله عليه وآله] لكان عثمان اعترض، وقال: إن رسول الله كان ابا لزوجتيّ رقية وأم كلثوم، وكذلك كان زوج زينب.. والغريب أن هذا البعض يعلق على هذه الفقرة بقوله:
«تجدوه أبي دون نسائكم، فأنا ابنته الوحيدة، ولم تقتصر على الحديث عن نفسها إلخ..»(18).
وقال: «قد قلنا: إن لرسول الله عدة بنات، كما هو وارد في كتب التاريخ، وكما يظهر من القرآن، لكنه ميز ابنته فاطمة [عليها السلام] عن أخواتها»(19).
ونقول: إن ذلك لا يصحح قولها: «كان أبي دون نسائكم..» لأنها في مقام إثبات الفضل والتميز عليهم جميعاً، فلو كان عثمان قد تزوج اختيها لاعترض وقال: إنه أيضاً كان أبـاً لزوجتي.. فـلا يصح نفي هذا الأمر عني..
وفي الختام نقول: إنه قد يكون ثمة بنات قد ولدن لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، وسماهن زينب ورقية وأم كلثوم، لكنهن متن وهن صغار.
ثم وصفه العاص بالأبتر، ونزلت سورة الكوثر.. وصدق الله سبحانه له وعده وولدت الزهراء، وأعطاه الكوثر.
هذا بالإضافة إلى وجود ربيبات له [صلى الله عليه وآله] اسمهن أيضاً زينب ورقية وأم كلثوم. ثم تزوج عثمان باثنتين من تلك الربائب، وتزوج أبو العاص بن الربيع بالثالثة، غير أن ما يلفت نظرنا هو أن هذا البعض يصر على وجود بنات أخريات لرسول الله [صلى الله عليه وآله] سوى الزهراء [عليها السلام]؟!
فهل إن ذلك يدخل في نطاق الغيرة على الحقيقة التاريخية؟!. خصوصاً تلك التي تؤدي إلى إسداء خدمة لعثمان بن عفان، حيث ينال بذلك فضيلة جليلة، تفيده في تأكيد صلاحيته لمقام خلافة النبوة، ودفع غائلة الحديث عن اغتصابه هذا الموقع من صاحبه الحقيقي، وفقا للنص الثابت بالأدلة القطعية، والبراهين الساطعة والجلية؟!
ويزيد تعجبنا حين نعرف أن هذا البعض يشترط اليقين في الأمور التاريخية، وبديهي أن مجرد وجود ظاهر لفظي لا يفيد هذا اليقين. كما أن الشهرة بين المؤرخين لا تفيده.. ولا ندري كيف يشترط ذلك الشرط، ويستدل بهذه الأدلة؟!!.
--
(1) راجع البدء والتاريخ: ج 5 ص16 و ج4 ص139، ونسب قريش: ص21، والمواهب اللدنية: ج1 ص196، وتاريخ الخميس: ج1 ص272، ومجمع الزوائد: ج 9 ص 217، وذخائر العقبى ص152، والبداية والنهاية ج12 ص 294، والإستيعاب [مطبوع بهامش الإصابة]: ج 4 ص281، والروض الأنف: ج1 ص214 و215، والسيرة الحلبية: ج 3 ص308.
(2) راجع مصادر ذلك في كتابنا بنات النبي أم ربائبه ص44 ـ 46.
(3) راجع المصدر السابق ص47 ـ 50.
(4) راجع تاريخ اليعقوبي: ج2 ص 32 والروض الأنف: ج1 ص214 و215.
(5) راجع مختصر تاريخ دمشق: ج2 ص263 و264، وراجع: الدر المنثور: ج6 ص404 والسيرة الحلبية ج3 ص308، وراجع: الوفاء ص655 ومصادر أخرى في كتابنا: بنات النبي أم ربائبه ص 44 و59 حتى 62.
(6) الأوائل: ج1 ص 161.
(7) راجع: سيرة مغلطاي: ص 12 عن ابن جريج، وراجع: مجمع الزوائد: ج9 ص 219 والأوائل ج 1 ص161.
(8) السيرة الحلبية: ج2 ص53.
(9) راجع: الاستغاثة: ج1ص68 و69 ورسالة مطبوعة طبعة حجرية مع كتاب مكارم الأخلاق ص6.
(10) راجع: مناقب آل أبي طالب: ج1 ص159، والبحار، وقـامـوس الـرجـال، وتنقيح المقال، كلهم عن المناقب.
(11) مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 162.
(12) راجع بنات النبي [صلى الله عليه وآله] أم ربائبه: ص 89 و 90.
(13) راجع: الاستغاثة: ج1 ص 70.
(14) مناقب آل أبي طالب: ج1 ص 159 وعنه في البحار، وتنقيح المقال، وقاموس الرجال.
(15) إحقاق الحق [قسم الملحقات] للمرعشي النجفي ج5 ص 74 وج4 ص 444 عن المناقب لعبد الله الشافعي ص50 [مخطوط] وعن مناقب الكاشي ص72 [مخطوط أيضا] والحديث موجود أيضاً في كتاب: نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص114 ولا بأس بمراجعة ص113، ومراجعة مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص109.
(16) ينابيع المودة ص255 وإحقاق الحق [قسم الملحقات]ج7 ص18.
(17) صحيح البخاري: ج3 ص 68 ط سنة 1309.
(18) الزهراء القدوة.
(19) الزهراء القدوة: ص285.
5
حسن
[ السعودية - القطيف ]: 18 / 12 / 2009م - 3:42 م
لا لم يكن لنبينا بنت إلا الكوثر

(فاطمة الزهراء (عليها السلام) )

فإذا كان عنده غيرها فلماذا تجرؤوا وقالوا له أبتر؟؟؟؟

***************************************
عرض كلام السائل على سماحة الشيخ علي آل محسن، فأجاب بقوله:
أخي الكريم:
قول بعض كفار قريش: (إن محمدا صار أبتر لا عقب له) لا يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان عنده في ذلك الوقت بنت واحدة هي فاطمة الزهراء عليها السلام، لأن كفار قريش إنما قالوا ذلك لما مات ابن رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقريش كانوا يرون أن النسل إنما يكون من الولد الذكر لا من الأنثى، فما مات آخر أبنائه صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت ظنوا أنه قد انقطع نسله، فأنزل الله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر) إلى آخر السورة.
وعليه، فسواء كان عند النبي صلى الله عليه وآله بنت واحدة أم كان عنده عدة بنات فإن شانئ النبي صلى الله عليه وآله سيقول ذلك.
والنتيجة أن قولهم ذلك لا دلالة فيه على أن النبي صلى الله عليه وآله كان عنده بنت واحدة.
وأشكرك على مداخلتك الجميلة .
6
حسن
[ السعودية - القطيف ]: 18 / 12 / 2009م - 3:48 م
نقول :

إن كُل بنات اُمّة أي نبي يُطلِق الله جلّ شأنه عليهِن بناته .

ولو نظرنا وتدبّرنا في الآية التي يُريد أن يحتجّ بها علينا .. نجد أن الحق يقول فيها .. وسنضع بياننا على الآية في كلِماتها .. فنقول :

يا أيها النبيّ ( محمد ) .. قُل : لأزواجك ( وهُن نِساء ) .. وبناتك ( بنات اُمّتك ) .. ونِساء المؤمنين .. كذا وكذا ....

ونتساءل :

لِماذا جل شأنه عِند ذِكره للمؤمنين قال ( نِساء ) المؤمنين .. فلم يذكُر البنات .. ولكنه سُبحانه قال ( نساء ) المؤمنين؟؟؟

لأن الحق جل شأنه ذكر ( البنات ) لكُل الاُمّة فنسبهُن إلى النبي .. فقال له و ( بناتك ) .. أي بنات اُمّته .. ولِذلِك لم يذكُر سُبحانه عِند ذكره للمؤمنين إلا نِساءهم .

********************************************
وقد عرض كلام السائل على سماحة الشيخ علي آل محسن، فأجاب بقوله:
أخي الكريم:
في كلامك موضعان للنظر:
الأول: أنك حملت كلمة (بناتك) على المجاز، فرأيت أن المراد بالبنات في الآية نساء الأمة، لا البنات بالولادة، والحمل على المجاز يحتاج إلى قرينة، والحال أن الآية خالية من أي قرينة، فلا مناص حينئذ من حمل كلمة (بناتك) على المعنى الحقيقي، وهن البنات بالولادة، لأن إرادة المجاز من دون نصب قرينة خطأ في لغة العرب.
الثاني: أنك لما حملت كلمة البنات على المجاز، صار معنى الآية: (قل لأزواجك ونساء الأمة)، وعليه فلا حاجة لذكر نساء المؤمنين في الآية، لأنه تكرار قبيح يخل ببلاغة الآية المباركة، فإن نساء المؤمنين هن أيضاً بنات رسول الله صلى الله عليه وآله بالمعنى الذي ذكرته.
لا يقال: إن (بناتك) يراد بهن بنات الأمة، وأما نساء المؤمنين فيراد بهن زوجات المؤمنين، لأنا نقول: إن ذلك يستلزم القول بأن زوجات المؤمنين لسن بنات رسول الله صلى الله عليه وآله بالمعنى المجازي، وهذا واضح الفساد، مع أن لفظ النساء يشمل البنات أيضاً، كقوله تعالى: (ونساءنا ونساءكم)، فإن المراد بالنساء في الآية سيدة نساء العالمين عليها السلام، فأطلق لفظ النساء مع أنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله .
وأود بهذه المناسبة أن أشكرك على هذه المداخلة الجميلة.