فتاوى غريبة

 

لقد صدرت في أيام الاعتداء الإسرائيلي على لبنان فتاوى تحرم على الناس نصرة حزب الله اللبناني ومعونته في حربه ضد إسرائيل، بل وتحرم حتى مجرد الدعاء لحزب الله بالنصر على اليهود.

ونحن لا نعلم إلى متى ستبقى حالة الحقد الأعمى والعداء الجاهل للشيعة، ولا ندري متى سيأتي اليوم الذي يكف فيه هؤلاء المفتون على الإفتاء بمثل هذه الفتاوى الغريبة، التي لم تستند إلى أي دليل علمي صحيح، والتي تشعر بأن القوم لا يريدون لحزب الله أن يحقق نصراً على اليهود المعتدين الذين دمروا كل المرافق الحيوية المهمة في لبنان، وهدموا المنازل السكنية على من فيها من النساء والأطفال والشيوخ، وقتلوا المئات من المدنيين العزل، وشردوا أكثر من مليون لبناني.

ولعل هناك من يتساءل فيقول: هل كان الباعث لإصدار هذه الفتاوى أن هؤلاء المفتين كانوا يتعاطفون في دخيلتهم مع اليهود، ويتمنون أن يتوغل الإسرائيليون في داخل لبنان، ويسيطروا على مرافقه الرئيسة، ويقتلوا المدنيين الأبرياء الآمنين، ويشردوهم؟

إن حزب الله وإن كان حزباً شيعياً إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن كل مواقفه سيئة وقبيحة، وأنه يجب تخطئته جملة وتفصيلاً في كل مواقفه وأعماله حتى في حربه مع اليهود، ودفاعه عن أرضه التي تتعرض للغزو الإسرائيلي غير المبرر.

ومع أن حزب الله حزب شيعي إلا أن ذلك لا يسوغ لأي مسلم غيور ترك إعانته ولو بالدعاء إليه في قتال اليهود المعتدين، وصدهم عن بلد عربي يتعرض لهذا النحو من الاعتداء، والقتل، والتشريد.

ومن الواضح أن دفع اليهود المعتدين عن بلاد المسلمين وعن أعراضهم وممتلكاتهم، وكفهم عن قتل الأبرياء العزل واجب كفائي على كل المسلمين، لا يسقط إلا بقيام من تكون فيه الأهلية والكفاية، وقد قام حزب الله بحرب اليهود ودفعهم بما استطاع من قوة، في حين لم يقم بذلك غيره، وكان الواجب يقتضي نصره ومدَّه بالرجال والعتاد، أو القيام بهذا الواجب دونه.

أما ترك اليهود يعيثون في الأرض فساداً، ويجعلون لبنان مسرحاً لطائراتهم ولجنودهم وآلياتهم العسكرية، من دون أن تتحرك فينا أية نخوة، ومن دون أن يحرك فينا الواجب الديني والإنساني أي شعور بالمسؤولية، ثم نصدر الفتاوى التي تندد بمن يلزمنا تأييده والوقوف معه، فهذا موقف مرفوض، لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال.  

وكنت أتمنى لو أن أولئك المفتين زاحموا أنفسهم بإصدار بعض (فتاواهم) ضد اليهود المعتدين، وإدانة أعمالهم الإجرامية، بدلا من أن يفتوا ضد حزب الله الذي قام بواجب كفائي تخلف عنه الكثيرون.