معايير الإرهاب والقانون الدولي!!

 

عندما ننظر في الحوادث الجارية في اعتداء العدو الإسرائيلي على لبنان، ونشاهد عمليات الإبادة الجماعية للأبرياء المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، مع إرعاب الآمنين العزل، وهدم منازلهم، وتدمير البنى التحتية للبنان، وتشريد الأسر اللبنانية التي لا شأن لها من قريب أو بعيد بالصراع القائم بين اليهود الإسرائيليين وبين حزب الله، نتساءل عن معايير الإرهاب التي نستطيع بها أن نصنف شخصاً أو فئة أو حزبا أو دولة بأنها إرهابية أو ترعى الإرهاب، أو ننفي عنها ذلك.

الذي تكرر كثيراً في التصريحات الغربية أن اختطاف طائرة مدنية يعد إرهاباً، وكذا اختطاف بعض المدنيين العزل ولا سيما إذا كانوا من الدبلوماسيين أو الصحفيين الغربيين، وكذا تفجير مبنى تجاري كمبني التجارة العالمية، والاعتداء على مبنى حكومي كمبنى البنتاغون الأمريكي، وتهديد أية جهة حكومية أمريكية يعتبر إرهابا من غير شك.

ومن الواضح أن معايير الحكم بالإرهاب لا ينبغي أن تختلف باختلاف الدول أو الأجناس البشرية أو الأديان السماوية، بل ينبغي أن تكون معايير واحدة في كل مكان ومع كل أحد.

إلا أنا نرى الأمر ليس كذلك، فإن معايير الحكومات الغربية في هذه المسألة مزدوجة ومتباينة، ولهذا لا تعد تلك الحكومات أي اعتداء إسرائيلي على المدنيين اللبنانيين إرهاباً، ولا مخالفاً لحقها في حفظ حدودها وأمنها القومي، بينما تعتبر أسر جنديين إسرائيليين من قبل عناصر حزب الله في عملية عسكرية إرهاباً يستحق لأجله أن تشن إسرائيل حرباً شعواء على لبنان، وتطلق العنان لطائراتها لضرب المطارات اللبنانية والجسور والطرق الرئيسة والبنايات السكنية، بل وحتى سيارات الإسعاف التي تعمل على نقل القتلى والمصابين، وسيارات نقل المعونات الدولية الواصلة إلى لبنان.

في الواقع أن الإرهاب ليس له معيار صحيح أو محدد عند الحكومات الغربية، بل هو متلون كتلون الحرباء يستوعب فقط كل ما يعارض سياسات الدول الغربية حتى لو كان من أجل كفهم عن التدخل في شؤون الدول الإسلامية، أو ردعهم عن السيطرة على الموارد الاقتصادية للدول العربية والإسلامية.

إن معايير الإرهاب واضحة لا ينبغي الاختلاف فيها، ولكن لما كانت تلك المعايير عند الغرب بالنحو الذي ذكرناه كثر الجدل والاختلاف فيها.

ومن الواضح أن كل ما يمس الآمنين العزل في أي مكان بإخافة أو قتل أو تشريد أو تخريب لمنازلهم وممتلكاتهم فهو إرهاب واضح.

ولا شك أن من الإرهاب عمليات الاغتيال للساسة والزعماء بل وحتى قادة المنظمات والمليشيات وغيرهم إذا كانت بصواريخ أو متفجرات يتسبب منها هدم المنازل وقتل أبرياء آخرين وإثارة الرعب بين المدنيين العزل الذين لا علاقة لهم بهذه العملية من قريب ولا بعيد.

وكذلك شن الحروب التي تطال المدنيين بالقتل والتشريد وما إلى ذلك، ما دامت الدولة المستهدفة لم تبدأ بحرب ولم تلوح باستعمال القوة تجاه الدولة المهاجمة.

ومن المفارقات العجيبة أن الحكومة الأمريكية قد أعطت لنفسها الحق من أجل (حفظ أمنها القومي) في شن الحرب في أي مكان في العالم، واحتلال أية دولة شاءت، وضرب أية قوة في العالم، ومنع أية دولة من امتلاك أية قوة نووية، وأباحت لأجهزتها التنصت على كل المكالمات الخاصة، ومراقبة كل الرسائل الكترونية وغيرها، والتجسس على أية دولة شاءت، واعتقال من شاءت من الناس والتحقيق معه، من دون أن ترى في شيء من ذلك أي نوع من أنواع الإرهاب المحظورة، بينما لم تعط لغيرها شيئاً يسيراً من ذلك، فلا حق لإيران عندها في امتلاك السلاح النووي وإن كان من أجل حماية أمنها القومي، بينما لإسرائيل الحق في ذلك، كما لا حق لأحد في التصدي لإسرائيل وإن كانت معتدية، أو استصدار أي قرار يدينها، بينما يكون لإسرائيل الحق في ضرب أي موقع في الدول العربية والإسلامية، ولا حق لأحد في إدانتها.

هذه هي المعايير الصحيحة للإرهاب وهذه معايير الإرهاب عند الغرب بما فيها من مفارقات، شابهت إلى حد بعيد مفارقات القانون الدولي الذي قنَّنته دول وجدت عندها القوة العسكرية في إرغام الدول الضعيفة على ما شاءت باسم القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.