خواطر مع بدء العام الدراسي الجديد

 

مع اقتراب العام الدراسي الجديد تتكرر حالة من الاستنفار العام، التي يتأهب فيها الكل لتهيئة الملابس المدرسية، ووسائل النقل، والحقائب، والدفاتر، والأقلام، وغيرها من اللوازم التي يحتاج إليها الطلاب في دراستهم خلال العام الدراسي الجديد، وهو أمر مألوف ومعروف يتكرر في كل عام.

إلا أن هذه الحالة كثيراً ما تثير في نفسي مشاعر الألم والحزن، لأني لا أجد من الكثير من الناس بعضاً من هذا الاهتمام بواجباتهم الدينية ووظائفهم الشرعية، فإن الكثيرلا يهمهم ارتكاب المحرمات الشرعية والتهاون بالواجبات الدينية المؤكدة، بقدر ما يهمهم الحرص على الحصول على علامات عالية في جميع المواد الدراسية حتى المواد غير المهمة كمادة التربية البدنية والتربية الفنية.

وكثيراً ما يقع بعض الأبناء والبنات تحت طائلة اللوم والتوبيخ والعقاب لعدم حصولهم على علامات عالية في بعض المواد الدراسية، بينما لا يوبَّخون بأدنى كلمة إذا قصروا في صلواتهم أو في صيامهم أو في أداء ما يجب عليهم شرعاً، وربما لا توجه لهم أية كلمة تعبر عن استياء الآباء من الأبناء إذا ارتكبوا بعض المحرمات العظيمة التي لا ينبغي التهاون فيها، بذريعة أن الأب لا يريد لابنه أن يصاب بعقدة نفسية، أو أن يقع في الإحباط، أو يشعر بالحرج والإحراج.

كما أن كثيراً من الآباء يرون أن مقياس نجاح أبنائهم في الحياة هو نجاحهم في دراستهم، وحصولهم على وظائف تدر عليهم أموالاً كثيرة، حتى لو كانوا منحرفين سلوكياً أو دينياً، فإن الفشل في الجانب الديني لا يمكن أن يسمى فشلاً في الحياة عندهم.

نحن لا نقلل من شأن الاهتمام بجوانب الحياة المختلفة، الدراسية منها والوظيفية، ولا نحث على التهاون في هذا الجانب، ولكن لا ينبغي أن نجعل هذا الأمر هو الأهم في اهتماماتنا، من دون أن نعطي الجانب الديني الذي هو الأولى في الحقيقة أي اهتمام وعناية.

ولضرورة الموازنة بين الاهتمام بالدنيا والاهتمام بالآخرة من دون أن يطغى جانب منهما على الآخر قال الله سبحانه وتعالى [وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا](القصص: من الآية77)، وجاءت كلمات أئمة الهدى عليهم السلام تؤكد هذا المعنى وتحث على مراعاته.

فقد روي عن إمامنا موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.

وروي عن إمامنا الصادق عليه السلام أنه قال: ليس منا من ترك ديناه لآخرته، ولا آخرته لديناه.