كنا قد أرسلنا سؤالا حول زواج قتيلة وأنه هل يشين الرسول أم لا ؟؟
ولكن فاجأني جوابك يا شيخ .
نحن كأكاديميين لا ترضينا إجابة كهذه خصوصا ممن نفترض تخصصه :
ففي الأمر الأول ملاحظات:
1- ذكرت ( أن النبي صلى الله عليه وآله طلقها في حياته ) ولكنك لم تبين هل هذا القول هو الثابت عندك بعد التحقيق أم أنك أخذت به لأنه يوصل إلى النتائج التي تريدها .
2-مع أنك أثبت القول السابق إلا أنك حينما تحدثت عن ما يترتب عليه قلت ( لو بقيت في عصمته شرعا لما كانت هناك أي فائدة للطلاق ) ثم نقضت هذا القول بقولك ( ورد في بعض الأخبار ما يدل على أن كل من طلقها النبي صلى الله عليه وآله لا يحل لها أن تتزوج بعده سواء كان ذلك في حياته أم بعد مماته ) ثم ذكرت ما يشعر أنك تتبنى هذا رأي ( إن من طلقها النبي صلى الله عليه وآله في حياته لا يجوز التزويج بها ) فلا أعلم هنا هل نأخذ بالاستحسان الذي ذكرته ليتناسب مع ما تريد إثباته من أن (زواج قتيلة لا يقتضي المساس بعرض النبي باعتبار طلاقها بينما غيرها ممن في عصمته يمس عرضه صلى الله عليه وآله ) أم نأخذ بالروايات أو رأيك الأخير وبالتالي بطل ما استدللت من أجله.
3-مع أنك تبنيت رأي عدم زواج من طلقت إلا أنك استدرك على نتائج هذا الرأي فقلت ( لكن لو فعلت أمرا سيئا فإنها لا تشين رسول الله صلى الله عليه وآله بسبب أنها مطلقة والمطلقة لا تشين طليقها عند العرف ) ، وقد تعجبت كثيرا من هذا الاستدراك حيث أنك حين وصلت بك النتائج إلى عكس ما تريد إثباته استخدمت هذا الاستدراك لترجح القول ( بأن زواج قتيلة لا يمس بعرض النبي حيث أنها مطلقة ) في حين ( أن إثبات زنا عائشة بعد استشهاد النبي صلى الله عليه وآله يمس في عرضه )
وذلك غريب إذ أن العرف كما يرى أن المطلقة لا تشين طليقها كذلك يرى أن الأرملة لا تشين زوجها المتوفى في حال فعلها عملا مسيئا بعد وفاته. وهذا يوصلنا إلى نتيجة التكافؤ في القضيتين فإذا كان زواج قتيلة لا يمس بعرض النبي بحكم طلاقها فكذلك إثبات زنا عائشة بعد شهادة النبي لا يمس بعرضه بحكم ترملها ، وإذا قلنا بأن القضية في عائشة تمس عرض النبي يلزم القول بأن القضية في قتيلة تمس عرض النبي.
4-بذلك يبطل الأمر الأول أو المرجح الأول والذي قوامه على رؤية العرف.
أما الأمر الثاني ففيه نظر :
1-بداية شككت في أصل الزواج بالنبي صلى الله عليه وآله ومن ثم في أصل الزواج بعكرمة ثم نقضته بقولك (ولكن ذلك مروي) ولم تعطي رأيا تحقيقيا في المسألة.
2-قلت ( وما لم نجزم بالأمر فلا يصح أن نخرم القاعدة ) ولعمري ما هو تأصيلك الشرعي لتلك القاعدة ، يا شيخ يفترض بك أن تكون متشرعا وصاحب تخصص فكيف تجعل الأصل الذي لا تريد خرقه هو قاعدة غير شرعية لم تقم لا على كتاب الله ولا على أقوال المعصومين وإنما قائمة على رأي ابن عباس المذموم على لسان أهل البيت عليهم السلام ، وكما تعلم أنه لا خير في الدراية مقابل الرواية ، بل هو اجتهاد مقابل النص ، فياللعجب تلومون المخالفين لقبولهم باجتهادات عمر وتقعون في نفس الخطأ.
3-إن الأصل والقاعدة هو كتاب الله وأقوال المعصومين وعدم جزمك يجعلك تخرم القاعدة وأما لو جزمت لما كان هناك تنافر عن الأصل والقاعدة.
4-أما الجذام والجنون: فالجنون من العيوب التي تخير المرأة في فسخها لعقد الزواج وأما الجذام فلا أعلم إن كان من العيوب التي تجيز للمرأة ذلك أم لا ، وعلى فرض ذلك فإنه لم يثبت الفسخ في قضية المرأتين هذا أولا وثانيا من قال أن الجذام والجنون يمنعان العلاقة الجنسية إذا أرادتها المرأة، نعم في بعض حالات الجنون تكون المباشرة بلا إدراك من المجنون أما في الجذام فالمباشرة تكون بإدراك والحالة بما هي هي لا تمنع من المباشرة. فلو أرادت المرأة مجامعة المجذوم أو المجنون فلا استحالة علمية ولا شرعية في الموضوع.
5-ربما أفهم من قولك ( ولعل ذلك قد حصل قبل الدخول ) على أن الموضوع فيه تدخل غيبي لئلا يمس عرض النبي شيء وإلا فلا حكمة في أن يصابا بذلك بعد الدخول ... وهذا الفهم غير تام لأن فيه نوعا من القياس والاستحسان وقد يرد بالقول : ما يدريك بأن الحكمة هي عرض النبي لعل الحكمة تكمن في أن الله تعالى أراد إبطال حكم أبي بكر وعمر ويبين عدم شرعيتهما إذ هما المفتيان فبذلك ينتج من حكمهما غير الشرعي تلك النتائج الخطيرة ، وهذا التعليل يقرّب أن الجنون والجذام حدث بعد الدخول وإلا لماذا سمح الله تعالى بأن يتم العقد من الأساس.
6-مع كل ذلك فإن مجرد العقد المحرم وإن لم يكن هناك دخول يعتبر أمرا قبيحا بذاته فلو عقد ابن على أمه أو أخ على أخته فهل يزيل استهجانك علمك بعدم الدخول؟ أو لو شاع عن زوج بعد وفاة زوجته عقده على أمها فهل يزيل الاستهجان والشناعة معرفة عدم تحقق الدخول؟
7-وبذلك يبطل الأمر الثاني أو المرجح الثاني والذي قوامه على قول ابن عباس والاستحسانات.
الأمر الثالث فعجيب وغريب :
1- في ذكرك للأمر الأول والثاني كنت تسعى لإثبات ( أن زواج قتيلة لا يقتضي المساس بعرض الرسول ) على خلاف القول بزنا عائشة بعد شهادته صلى الله عليه وآله الذي يقتضي المساس. ولكنك في الأمر الثالث غيرت الموضوع ونهضت مدافعا عن تلك المرأتين والتمست لهما الأعذار وشرعنت فعلتهما.
2-إن رجوعهما لأبي بكر وعمر وعدم الرجوع للوصي الشرعي علي بن أبي طالب عليه السلام لا يعطي شرعية للفعل.
3-إن الحديث الذي ذكرته يدل على كفرهما فإحداهن تقول ( أعوذ بالله منك ) والأخرى ( لو كان نبيا ما مات ابنه ) فبعد الكفر الصريح كيف تحتمل أنهن يبحثن عن الحلال والحرام فتقول (كانت ترى أنه يجوز لها التزويج ) فمنذ متى يشرعن عمل الكافر بناء على رأيه.. وكأنك تذكرني بمقولة المخالفين عن عمر حينما قال للنبي صلى الله عليه وآله ( إنه ليهجر حسبنا كتاب الله ) قالوا ( ذلك يدل على قوة فقه عمر ) وقولك ( لا يتنافى مع الصون والعفاف ) يذكرني بمقولتهم عن قتل معاوية لحجر بن عدي ( اجتهد فأخطأ وكلاهما رضي الله عنه ).
سؤالنا :
1-إن الأمر الأول الذي ذكره الشيخ يوصل إلى إثبات عكس ما يريد والأمر الثاني بعد التأمل يوصل أيضا لذلك والأمر الثالث بعد التحقيق نصل لنفس النتيجة فما هو قول الشيخ في ذلك ؟
2-هل تنزيهكم لزوجات الأنبياء جميعا من الزنا سواء في حياتهن أو بعد مماتهن هو عن تحقيق في المسألة أم أن البيان الذي أصدرتموه كان مبنيا على مجرد استحسان عقلي أضيف له رأي ابن عباس؟
أجيبونا مشكورين.
السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم
كنا قد أرسلنا سؤالا حول زواج قتيلة وأنه هل يشين الرسول أم لا ؟؟
ولكن فاجأني جوابك يا شيخ.
نحن كأكاديميين لا ترضينا إجابة كهذه خصوصا ممن نفترض تخصصه:
ففي الأمر الأول ملاحظات:
1- ذكرت (أن النبي صلى الله عليه وآله طلقها في حياته)، ولكنك لم تبين هل هذا القول هو الثابت عندك بعد التحقيق أم أنك أخذت به لأنه يوصل إلى النتائج التي تريدها.
الجواب: إن زواج النبي صلى الله عليه وآله من قتيلة بنت قيس غير معلوم يقيناً، ولا طريق لنا إلى معرفة ما إذا كان هذا الزواج حدث بالفعل أم لا، ومن قال لك: «إنه يتمكن من أن يأتي في هذه القضية بدليل صحيح» فلا تصدقه.
وعليه، فلا يمكن أن نرتب على هذا الموضوع أي أثر.
ولهذا ذكرت في الأمر الثاني: (أنا لا نجزم بأن النبي صلى الله عليه وآله قد تزوج بالكندية أو تزوج بقتيلة بنت قيس، كما أننا لا نجزم بأن قتيلة قد تزوجت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكن ذلك مروي، وما لم نجزم بالأمر فلا يصح أن نخرم القاعدة التي ذكرناها فيما سبق من أن زوجات الأنبياء عليهم السلام لا يقع منهن الفحش والفجور).
فإذا كنا لا نجزم بوقوع القضية من أساسها فكيف نجزم بأن النبي صلى الله عليه وآله طلقها، ولكن هناك من يقول: «إن النبي صلى الله عليه وآله تزوجها ومات عنها»، وهناك من يقول: «إنه صلى الله عليه وآله تزوجها ثم طلقها»، وقد ذكرت الجواب الأول بناء على تسليم أن النبي صلى الله عليه وآله تزوج هذه المرأة وطلقها في حياته كما هو مروي، أو على حسب ما قاله بعضهم، وإلا فالقضية كما قلنا غير معلومة الوقوع من أساسها.
وقولك: 2- مع أنك أثبت القول السابق إلا أنك حينما تحدثت عن ما يترتب عليه قلت: (لو بقيت في عصمته شرعا لما كانت هناك أي فائدة للطلاق)، ثم نقضت هذا القول بقولك: (ورد في بعض الأخبار ما يدل على أن كل من طلقها النبي صلى الله عليه وآله لا يحل لها أن تتزوج بعده سواء كان ذلك في حياته أم بعد مماته)، ثم ذكرت ما يشعر أنك تتبنى هذا الرأي ( إن من طلقها النبي صلى الله عليه وآله في حياته لا يجوز التزويج بها)، فلا أعلم هنا هل نأخذ بالاستحسان الذي ذكرته ليتناسب مع ما تريد إثباته من أن (زواج قتيلة لا يقتضي المساس بعرض النبي باعتبار طلاقها، بينما غيرها ممن في عصمته يمس عرضه صلى الله عليه وآله) أم نأخذ بالروايات أو رأيك الأخير وبالتالي بطل ما استدللت من أجله.
جوابه: أنه ينبغي لك أن تقرأ جوابي كاملاً بروية ومن دون تشنج لتفهم ما أريد، ولتعلم أن كلامي ليس فيه أي تناقض ولا تضارب، وقد ذكرت عدة إجابات لا جوابا واحدا.
وقولي: (لو بقيت في عصمته شرعا لما كانت هناك أي فائدة للطلاق)، معناه أنه صلى الله عليه وآله إن طلقها - كما قيل - فإنها لم تبق في عصمته، وصارت أجنبية، ولكن مع صيرورتها أجنبية فإنه لا يحل لها أن تتزوج بمن شاءت، ولهذا قلت: (ورد في بعض الأخبار ما يدل على أن كل من طلقها النبي صلى الله عليه وآله لا يحل لها أن تتزوج بعده سواء كان ذلك في حياته أم بعد مماته)، أي أنه لا يحل للمرأة التي طلقها أن تتزوج، واستدللت على ذلك بظاهر الآية الكريمة، فأين التناقض؟!
وأما قولك: (فلا أعلم هنا هل نأخذ بالاستحسان الذي ذكرته ليتناسب مع ما تريد إثباته) فجوابه: أن كلامي ليس فيه أي استحسان، وكان عليك أن تبين ما هو هذا الاستحسان؟ والغريب قولك: (أم نأخذ بالروايات أو رأيك الأخير، وبالتالي بطل ما استدللت من أجله)، فهل الأكاديمية تجعلك تبطل آراء الآخرين إذا لم تفهمها؟ أو تبطلها بالدفع بالصدر من دون حجة كما فعلت؟!
وأغرب من ذلك قولك: (ليتناسب مع ما تريد إثباته من أن (زواج قتيلة لا يقتضي المساس بعرض النبي باعتبار طلاقها، بينما غيرها ممن في عصمته يمس عرضه صلى الله عليه وآله))، فإن كلامك واضح الدلالة على أنك تريد أن تقول: «إن زواج قتيلة بنت قيس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أمر ثابت الحدوث، وأنه قد دنس عرض النبي صلى الله عليه وآله»، وهذا كلام لا يقوله مسلم، فانتبه لنفسك إن كنت مسلماً!!
وأما قولك: (3- مع أنك تبنيت رأي عدم [جواز] زواج من طلقت، إلا أنك استدركت على نتائج هذا الرأي فقلت: (لكن لو فعلت أمراً سيئا فإنها لا تشين رسول الله صلى الله عليه وآله بسبب أنها مطلقة، والمطلقة لا تشين طليقها عند العرف)، وقد تعجبت كثيرا من هذا الاستدراك حيث أنك حين وصلت بك النتائج إلى عكس ما تريد إثباته استخدمت هذا الاستدراك لترجح القول: (بأن زواج قتيلة لا يمس بعرض النبي حيث أنها مطلقة) في حين (أن إثبات زنا عائشة بعد استشهاد النبي صلى الله عليه وآله يمس في عرضه).
فجوابه: أني قلت: إنه لا يجوز لأي واحدة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تتزوج من بعده، وإن كان قد طلقها في حياته، وقولي: «لكن لو فعلت أمراً سيئاً... الخ» ليس استدراكاً، وإنما هو فرض محض، بغض النظر عن أنه وقع في الخارج أم لم يقع، أي أننا لو فرضنا أن امرأة من أولئك النسوة تزوجت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فإن ذلك لا يشين النبي صلى الله عليه وآله في شيء، أما أن ذلك وقع أو لم يقع فإني لم أثبت ولم أنفِ.
وبهذا يتبين أن تعجبك كثيرا (من هذا الاستدراك) ليس له أي وجه.
والغريب قولك: (حيث أنك حين وصلت بك النتائج إلى عكس ما تريد إثباته)، فإنك لم تبين في كلامك كيف وصلت بي النتائج إلى عكس ما أريد إثباته!! وكلامي واضح جدا، فأرجو أن ترجع إليه، فتقرأه على مهل وتريث حتى تفهم ما أقول.
وأما قولك: (استخدمت هذا الاستدراك لترجح القول: (بأن زواج قتيلة لا يمس بعرض النبي حيث أنها مطلقة) في حين (أن إثبات زنا عائشة بعد استشهاد النبي صلى الله عليه وآله يمس في عرضه)) فهو باطل أيضاً؛ لما بينته من أن كلامي مجرد فرض لا أستدراك، وأيضاً لأني لم أذكر عائشة ولم أشر إليها، ولم أذكر أنها زنت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فلماذا أقحمتها في الموضوع؟ ولماذا نسبت إلي كلاماً لم أقله؟ فهل كونك أكاديميا يسوغ لك أمثال هذه الأمور؟!
وأما قول: (وذلك غريب إذ أن العرف كما يرى أن المطلقة لا تشين طليقها كذلك يرى أن الأرملة لا تشين زوجها المتوفى في حال فعلها عملا مسيئا بعد وفاته. وهذا يوصلنا إلى نتيجة التكافؤ في القضيتين فإذا كان زواج قتيلة لا يمس بعرض النبي بحكم طلاقها فكذلك إثبات زنا عائشة بعد شهادة النبي لا يمس بعرضه بحكم ترملها، وإذا قلنا بأن القضية في عائشة تمس عرض النبي يلزم القول بأن القضية في قتيلة تمس عرض النبي).
فجوابه: أني كما قلت لم أتعرض لزنا عائشة لا من قريب ولا من بعيد، والشيعة كما صرح كبار علمائهم لا يتهمون عائشة ولا غيرها من زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله بالزنا، بل ينزهونهن عن ذلك كما ينزهون نساء جميع الأنبياء عليهم السلام عن الفحش والفجور.
وأما زعمك أنه لا فرق بين المرأة التي طلقها النبي صلى الله عليه وآله ونسائه اللاتي توفي عنهن في أن زنا كل منهن لا يمس عرض رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذا يحتاج إلى دليل يعضده، وأنت لم تأت بأي دليل، وكلامك مجرد رأي ربما يكون خطأ.
ومن الواضح أن العرف يفرق بين هذين الموردين، فإنه يرى أن المرأة التي طلقها رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته، ولحقت بأهلها، ولم تبق بينها وبين النبي صلى الله عليه وآله أي صلة أو علاقة، فإن العرف لا يعيب النبي صلى الله عليه وآله بما يصدر منها بعد ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وآله ليس مسؤولاً عنها، وأما نساؤه اللاتي توفي عنهن، ولم ينفك الارتباط به صلى الله عليه وآله، إذ يطلق عليهن الناس (أمهات المؤمنين)، ويصفونهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بأنهن زوجاته، ويتعاملون معهن على هذا الأساس، فإن زنا أي واحدة منهن يمس عرضه صلى الله عليه وآله، ويدنسه، وهذا واضح جدا.
على أنا لو سلمنا بكلامك فإن كلامك يؤيد ما قلناه، من أن المطلقة لا تشين زوجها السابق، فلا أدري ما الذي جعلك تتشنج إلى هذه الدرجة ما دمنا متفقين في النتيجة!!
وأما قولك: (4- بذلك يبطل الأمر الأول أو المرجح الأول والذي قوامه على رؤية العرف)، فلا قيمة له؛ لأنك لم تأت في كل كلامك بدليل واحد على بطلان كلامي، فكيف يبطل هكذا من دون أدلة، فهل يبطل الأكاديميون أدلة خصومهم بهذا النحو يا أخي؟
وأما قولك: (أما الأمر الثاني ففيه نظر:
1- بداية شككت في أصل الزواج بالنبي صلى الله عليه وآله، ومن ثم في أصل الزواج بعكرمة، ثم نقضته بقولك: (ولكن ذلك مروي)، ولم تعطي رأيا تحقيقيا في المسألة) فقد أجبت عليه فيما تقدم بأن هذه المسألة لا سبيل للتحقيق فيها، لأنا لم نجد فيها روايات يمكن الاعتماد عليها، والمذكور كله أقوال متضاربة، فكيف يمكن التحقيق في مسألة كهذه؟
والغريب أنك قلت: إن النقطة الثانية فيها نظر لأني لم أعط رأيا تحقيقيا في المسألة، ولا أظن أكاديميا عرف أصول البحث يقول ذلك؛ لأن النظر إنما يكون في الآراء، وأما من لم يعط رأيا كيف يكون في كلامه نظر؟!
ثم إنك لم تذكر سبب هذا النظر، وهذا ليس من أصول البحث العلمي.
وأما قولك: (2- قلت: (وما لم نجزم بالأمر فلا يصح أن نخرم القاعدة) ولعمري ما هو تأصيلك الشرعي لتلك القاعدة) فهو غريب؛ لأن القاعدة التي ذكرناها هي (أن زوجات الأنبياء عليهم السلام لا يقع منهن الفحش والفجور)، وهذه قاعدة معلومة من كلام أساطين علماء الطائفة، وهذا الموضوع بحثناه في بحوث سابقة، ولك أن تطالع ما كتبناه على هذين الرابطين:
http://almohsin.org/?act=artc&id=205
http://almohsin.org/?act=artc&id=242
فإذا كان عندك رأي مخالف لما قلناه، وكنت تتهم نساء النبي صلى الله عليه وآله بالفحش والفجور، فهات أدلتك على ذلك، لنرى هل هي صحيحة أم ركيكة.
وأما قولك: (يا شيخ يفترض بك أن تكون متشرعا وصاحب تخصص، فكيف تجعل الأصل الذي لا تريد خرقه هو قاعدة غير شرعية لم تقم لا على كتاب الله ولا على أقوال المعصومين، وإنما قائمة على رأي ابن عباس المذموم على لسان أهل البيت عليهم السلام) فهو غريب، لأنه يفهم من كلامك أن ما قلته خلاف التشرع، أي أنه مخالف للشريعة، مع أن السبب الذي جعلك تصفني بذلك هو أني نزهت نساء النبي صلى الله عليه وآله عن الفحش والفجور، فهل هذا خلاف الالتزام بأحكام الشريعة بنظرك أيها الأكاديمي؟ أو أن اتهامهن لا يصدر من متشرع؟
وأما قولك إنه يفترض بي أن أكون صاحب تخصص، فلا يخفى عليك أن كلامي هو توضيح لما قاله أئمة أهل البيت عليهم السلام وبيَّنه أساطين علماء الطائفة المحقة، وأنا لا أتكلم جزافاً، ولا أعبر عن الآراء الشاذة والأقوال الخاطئة، وهذا هو التخصص يا أخي إن كنت لا تعرفه!
وأما زعمك أن هذه القاعدة غير شرعية، ولم تقم على كتاب الله ولا على أقوال المعصومين، فهو باطل؛ لأن المعلوم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله الثابتة أنه لا يجوز لك أن تتهم أي امرأة بالفحش والفجور كائنا من كانت، ونساء النبي صلى الله عليه وآله إذا لم يكن لهن ميزة زواجهن برسول الله صلى الله عليه وآله التي تقتضي عدم جواز الطعن في أعراضهن باعتباره يستلزم الطعن في عرضه صلى الله عليه وآله، فلا أقل هن كغيرهن من النساء اللاتي لا يجوز لمؤمن أن يتهمهن بسوء من دون بينة شرعية.
وعليه، فتنزيههن عن الفحش والفجور هو الموافق لكتاب الله ولأقوال المعصومين، وأما اتهامهن فليس كذلك.
وعلماء الطائفة لم يحتجوا بكلام ابن عباس، وإنما استشهدوا به باعتبار أنه منقول في كتب المخالفين؛ لإقامة الحجة عليهم، وهناك فرق بين الأمرين يا أخي. أو لأن كلام ابن عباس موافق لما نقول، فنذكره تأييداً لكلامنا لا استدلالاً به.
ثم إن ابن عباس لم يذمه أهل البيت عليهم السلام كما زعمت، وإنما هو ثقة ممدوح، جليل القدر، وكلمات علماء الطائفة في مدحه كثيرة، لا حاجة لذكرها هنا؛ لأن هذا خارج الموضوع الذي نتكلم فيه.
وأما قولك: (وكما تعلم أنه لا خير في الدراية مقابل الرواية، بل هو اجتهاد مقابل النص، فياللعجب تلومون المخالفين لقبولهم باجتهادات عمر وتقعون في نفس الخطأ) فهو غريب أيضا، إذ كيف تزعم أنه لا خير في الدراية المفيدة للعلم مقابل الرواية المفيدة للظن، هذا لم يقل به لا حوزوي، ولا أكاديمي، ولا مثقف يحترم عقله.
وزعمك أن كلامي اجتهاد في مقابل النص فهو كسائر كلامك لم يستند على دليل، بل هو اتهام محض لا قيمة له في مقام البحث العلمي، وكان اللازم عليك أن تذكر النص الثابت الذي تعتمده وتراه دليلاً، ثم تأتي باجتهاداتي المخالفة لهذا النص حتى نعلم صدق كلامك من خطئه، وأما التهويل بكثرة التعجبات والاستغرابات من دون أدلة فلا أعتني بها.
ثم إن اجتهاد المخالفين في مقابل النصوص واضح كالشمس في رابعة النهار، وكلامنا فيهم ليس اتهاماً، وإنما هو قائم على أدلة، فراجع ما كتبه السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي قدس الله نفسه في كتاب النص والاجتهاد، ليتبين لك بطلان زعمك.
وأما قولك: (3- إن الأصل والقاعدة هو كتاب الله وأقوال المعصومين) فهو كاشف عن أنك غير متخصص، وأنك مع احترامي لك تهرف بما لا تعرف، فدع عنك الأصول والقواعد التي لا تعرفها، ولا تتكلم في غير ميدانك إن كنت أكاديميا.
وأنا قلت لك فيما سبق: إن كلامي موافق لكتاب الله تعالى وأقوال المعصومين، وأما كلامك في اتهام نساء النبي صلى الله عليه وآله بالزنا، فهو مخالف لكتاب الله ولأقوال المعصومين عليهم السلام، وهذا كاف.
والغريب هو قولك: (وعدم جزمك يجعلك تخرم القاعدة وأما لو جزمت لما كان هناك تنافر عن الأصل والقاعدة) لأنه يكشف عن أنك لم تفهم ما قلته، وصرت تخبص يمينا وشمالا، فإن عدم جزمي بأن النبي صلى الله عليه وآله تزوج قتيلة بنت قيس، وعدم جزمي بأنه صلى الله عليه وآله طلقها، وعدم جزمي بأنها تزوجت بعده، لا يجعلني أخرم القاعدة التي أصلناها فيما سبق وهي (عدم زنا زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله) بأخبار غير مؤكدة، وهذا واضح جدا، فكيف لم يتضح لك يا أخي مع بساطته؟!
وقولك: (وأما لو جزمت لما كان هناك تنافر عن الأصل والقاعدة) تخبيص واضح؛ لأنه كاشف عن أنك لا تعرف ما هو الأصل وما هي القاعدة التي أتكلم فيها، ولا تدري بالأمر الذي أنا لم أجزم به، إذ كيف يتحقق عدم التنافر مع القاعدة التي ذكرتها لو جزمت بأن الحادثة قد وقعت؟ هذا كلام فارغ ، فتنبه لما تقول، ولا تضيع وقتي بما لا يفيد يا أخي.
وأما قولك: (4- أما الجذام والجنون: فالجنون من العيوب التي تخير المرأة في فسخها لعقد الزواج وأما الجذام فلا أعلم إن كان من العيوب التي تجيز للمرأة ذلك أم لا، وعلى فرض ذلك فإنه لم يثبت الفسخ في قضية المرأتين هذا أولاً.
وثانياً: من قال أن الجذام والجنون يمنعان العلاقة الجنسية إذا أرادتها المرأة، نعم في بعض حالات الجنون تكون المباشرة بلا إدراك من المجنون، أما في الجذام فالمباشرة تكون بإدراك والحالة بما هي هي لا تمنع من المباشرة. فلو أرادت المرأة مجامعة المجذوم أو المجنون فلا استحالة علمية ولا شرعية في الموضوع).
فجوابه: أننا لم نقل: إن المرأتين فسختا النكاح، وقولك: (وعلى فرض ذلك فإنه لم يثبت الفسخ في قضية المرأتين) لا معنى له، لأنه لا يهمنا إثبات فسخ النكاح، وإنما يهمنا أنه لم يحصل وطء، فكما أن الفسخ لم يثبت، فكذلك الوطء لم يثبت، وهذا هو المهم.
وكذلك نحن لم نقل: «إن الجذام والجنون يمنعان العلاقة الجنسية»، ولكن تحقق الجنون والجذام يجعلنا نشكك في وقوع العلاقة الجنسية، ولا سيما إذا عُلم أن سبب الجذام والجنون هو الزواج بامرأتين تزوجهما رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم من هي المرأة التي سترضى بأن يعاشرها مجنون أو مجذوم؟ مع أننا لا نتكلم في أن هذا ممكن أو غير ممكن، وإنما نتكلم في أنه هل يقع عادة أم لا!! فإنه ليس كل ممكن يقع، والمهم هو إثبات الوقوع لا الإمكان.
وقولك: (5- ربما أفهم من قولك: (ولعل ذلك قد حصل قبل الدخول) على أن الموضوع فيه تدخل غيبي لئلا يمس عرض النبي شيء وإلا فلا حكمة في أن يصابا بذلك بعد الدخول ... وهذا الفهم غير تام، لأن فيه نوعا من القياس والاستحسان وقد يرد بالقول : ما يدريك بأن الحكمة هي عرض النبي لعل الحكمة تكمن في أن الله تعالى أراد إبطال حكم أبي بكر وعمر ويبين عدم شرعيتهما إذ هما المفتيان فبذلك ينتج من حكمهما غير الشرعي تلك النتائج الخطيرة ، وهذا التعليل يقرّب أن الجنون والجذام حدث بعد الدخول وإلا لماذا سمح الله تعالى بأن يتم العقد من الأساس) مردود بأنا طرحنا ذلك احتمالا، وهذا لا يمنع أن يكون هناك احتمال آخر كالاحتمال الذي ذكرته، وما قلته من الترجيح بأن ما ذكرناه فيه نوع من القياس والاستحسان، يدل على أنك لا تعرف معنى القياس والاستحسان، ولهذا ألصقتهما في هذا الموضع، لأنه من الواضح أن طرح الاحتمالات لا علاقة له بقياس ولا باستحسان.
وقولك: (وهذا التعليل يقرّب أن الجنون والجذام حدث بعد الدخول وإلا لماذا سمح الله تعالى بأن يتم العقد من الأساس) باطل؛ لأن طروء الجنون والجذام بعد الدخول لا فائدة فيه بعد هتك عرض النبي صلى الله عليه وآله، وأما قبل الدخول فإن مجرد العقد لا قيمة له، لأنه باطل من أساس، ولا فائدة مهمة في الحيلولة دون وقوع عقد باطل.
وأما قولك: (6- مع كل ذلك فإن مجرد العقد المحرم وإن لم يكن هناك دخول يعتبر أمرا قبيحا بذاته فلو عقد ابن على أمه أو أخ على أخته فهل يزيل استهجانك علمك بعدم الدخول؟ أو لو شاع عن زوج بعد وفاة زوجته عقده على أمها فهل يزيل الاستهجان والشناعة معرفة عدم تحقق الدخول؟) فهو مردود بأننا لا نختلف معك في الاستهجان، ولذلك نحن ننكر أن يقع مثل هذا العقد الباطل، إلا أن ذلك بمجرده لا يعد هتكا لعرض النبي صلى الله عليه وآله، فإن من عقد على أمه ولم يدخل بها، لا يقال عنه: (إنه هتك عرض أمه)، وإن كان قد ارتكب فعلا مستهجنا.
وأما قولك: (7- وبذلك يبطل الأمر الثاني أو المرجح الثاني والذي قوامه على قول ابن عباس والاستحسانات) فهو واضح الفساد؛ لأننا بينا ضعف كلامك، وكشفنا ما فيه من خلل، فكيف يبطل الأمر الثاني الذي قلناه.
ثم كيف يبطل قولنا: (لا نجزم بأن النبي صلى الله عليه وآله قد تزوج بالكندية أو تزوج بقتيلة بنت قيس، كما أننا لا نجزم بأن قتيلة قد تزوجت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله)، فهل عدم جزمنا بزواج النبي من الكندية باطل بنظرك؟ هذا أمر مضحك جدا.
وقولك: (الأمر الثالث فعجيب وغريب:
1- في ذكرك للأمر الأول والثاني كنت تسعى لإثبات (أن زواج قتيلة لا يقتضي المساس بعرض الرسول) على خلاف القول بزنا عائشة بعد شهادته صلى الله عليه وآله الذي يقتضي المساس. ولكنك في الأمر الثالث غيرت الموضوع ونهضت مدافعا عن تلك المرأتين والتمست لهما الأعذار وشرعنة فعلتهما) مردود بأني لم أذكر عائشة، ولم أذكر أنها زنت أم لم تزن، بل كل كلامي يدل على أن كل نساء النبي صلى الله عليه وآله منزهات عن ذلك، فلا حاجة لخلط أمور أخرى لم نتعرض لها في الجواب.