فما هو رأيكم في ذلك؟
1- أن الشيعة لا يقولون: إن « آه » اسم من أسماء الله تعالى، وورود ذلك في حديث لا يدل على أنه عقيدة للشيعة كما قلنا ذلك مكرراً؛ وذلك لأن العقيدة إنما تؤخذ من كلمات كبار علماء الشيعة المعروفين، لا من حديث ربما يصح وربما لا يصح.
نعم روى الشيخ الصدوق قدّس سره في كتاب معاني الأخبار، ص 354 بسنده عن أبي إسحاق الخزاعي، عن أبيه، قال: دخلت مع أبي عبد الله عليه السلام على بعض مواليه يعوده، فرأيت الرجل يكثر من قول: « آه »، فقلت له: يا أخي أذكر ربك، واستغث به. فقال أبو عبد الله: إن « آه » اسم من أسماء الله عزّ وجل، فمن قال: « آه » فقد استغاث بالله تبارك وتعالى.
إلا أن هذه الرواية لا تصح سنداً؛ لعدم ثبوت وثاقة جعفر بن يحيى الخزاعي، وأبي إسحاق الخزاعي، وأبيه، فلا تكون حجّة في شيء، ولا يثبت بمثل هذه الرواية عقيدة للشيعة.
2- أن ابن عساكر ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن الفتح ويقال ابن أبي الفتح بن خاقان أبو العباس بن النجاد، الذي وصفه بالعابد إمام جامع دمشق أحد الصالحين المعروفين، عن أبي علي أحمد بن محمد بن البلالي إمام جامع دمشق، قال: سمع ناس بأبي العباس أحمد بن محمد بن النجاد رحمه الله وفضله، وما خصه الله به من العلم والورع، فسافروا من بلد بعيد إليه بنية الزيارة له، فلما وصلوا إلى باب داره سمعوا أنين الشيخ من وراء الباب لوجع كان به ظاهر، فأنكروا عليه أنينه لفضله، فلما دخلوا عليه ابتدأهم فقال: إن « آه » اسم من أسماء الله، يستروح إليه الأعلاء. فزاد في أنفسهم أضعاف ما كان عندهم. (تاريخ مدينة دمشق 5/439).
ونقل القصة ابن كثير في البداية والنهاية بتحريف يسير، ثم قال: لكن هذا الذي قاله لا يؤخذ عنه مسلماً إليه فيه، بل يحتاج إلى نقل صحيح عن المعصوم، فإن أسماء الله تعالى توقيفية على الصحيح. (البداية والنهاية 11/307).
إذن إشكال ابن كثير إنما هو على أن « آه » لم يثبت أنه اسم من أسماء الله تعالى، ولو ثبت فلا محذور في البين.
ويفهم من كلامه أن من أثبته فإنه لم يضل بنظره، أو يتجرأ على الذات الإلهية، كما هو حال المجسمة المشبهة لله تعالى بخلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.