هل الله تعالى يخاصر عبده المؤمن يوم القيامة؟
م. - السعودية - 13/03/2011م
قال أحد المخالفين: إنه جاء في كتاب (الأصول الستة عشر) تحقيق: ضياء الدين المحمودي، صفحة 203: إن الله ليُخَاصر العبد المؤمن يوم القيامة، والمؤمن يُخَاصِر ربه يذكره ذنوبه.
قيل: وما يخاصره؟ قال: فوضع يده على خَاصرتي. فقال: هكذا يناجي الرجل منا أخاه في الأمر يسره إليه.
ما هو رأيكم في هذا الحديث؟
الجواب

أولاً: أن هذا الحديث منقول عن كتاب زيد النرسي، وفي صحة هذا الكتاب واعتباره كلام.

 

قال السيد الخوئي قدس سره بعد أن ذكر رواية منقولة عن كتاب زيد النرسي: والصحيح أن الرواية غير صالحة للاستدلال بها على هذا المدّعى، ولا لأن يؤتى بها مؤيّدة للتفصيل المتقدّم نقله؛ وذلك لضعف سندها، فإن زيداً النرسي لم يوثقه أرباب الرجال، ولم ينصّوا في حقه بقدح ولا بمدح. على أنا لو أغمضنا عن ذلك - وبنينا على جواز الاعتماد على روايته، نظراً إلى أن الراوي عن زيد النرسي هو ابن أبي عمير، وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، فأيضاً لا يمكننا الاعتماد على روايته هذه؛ إذ لم تثبت صحة أصله وكتابه الذي أسندوا الرواية إليه؛ لأن الصدوق وشيخه - محمد بن الحسن بن الوليد - قد ضعَّفا هذا الكتاب، وقالا: إنه موضوع، وضعه محمد بن موسى الهمداني. والمجلسي قدّس سره إنما رواها عن نسخة عتيقة وجدها بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي، ولم يصله الكتاب بإسناد متصل صحيح، ولم ينقل طريقه إلينا على تقدير أن الكتاب وصله بإسناد معتبر، فلا ندري أن الواسطة أي شخص، ولعله وضَّاع أو مجهول، وأما الأخبار المروية - في غير تلك النسخة كتفسير علي بن إبراهيم القمي، وكامل الزيارة، وعدة الداعي وغيرها عن زيد النرسي بواسطة ابن أبي عمير - فلا يدل وجدانها في تلك النسخة على أنها كتاب زيد المذكور وأصله؛ وذلك لأنا نحتمل أن تكون النسخة موضوعة، وإنما أدرج فيها هذه الأخبار المنقولة في غيرها تثبيتاً للمدعى، وإيهاماً على أنها كتاب زيد وأصله، وعلى الجملة إنا لا نقطع ولا نطمئن بأن النسخة المذكورة كتاب زيد، كما نطمئن بأن الكافي للكليني، والتهذيب للشيخ، والوسائل للحر العاملي قدس الله أسرارهم. والذي يؤيد ذلك أن شيخنا الحر العاملي لم ينقل عن تلك النسخة في وسائله، مع أنها كانت موجودة عنده بخطه على ما اعترف به شيخنا شيخ الشريعة قدس سره، بل ذكر - على ما ببالي - أن النسخة التي كانت عنده منقولة عن خط شيخنا الحر العاملي بواسطة، وليس ذلك إلا من جهة عدم صحّة إسناد النسخة إلى زيد أو عدم ثبوته. وبعد هذا كله لا يبقى للرواية المذكورة وثوق ولا اعتبار، فلا يمكننا الاعتماد عليها في شيء من المقامات. (كتاب الطهارة 2/128).

 

وقال السيد محمد باقر الصدر قدس سره: ومجرد أن الروايات المنقولة في الكتب عن زيد موجودة في هذه النسخة لا يوجب الاطمئنان بعدم وقوع التحريف على الأقل بزيادة أو نقيصة خصوصاً مع اشتمال النسخة على روايات غريبة ومعان مستنكرة، من قبيل رؤية الله تعالى، ومخاصرة المؤمن له يوم القيامة، وقال: هكذا يخاصره (تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً)، وهذا يوجب احتمال أن هذه النسخة هي التي زوَّرها محمد بن موسى، ولعلها غير النسخة التي كان للنجاشي طريق صحيح لها إلى محمد بن أبي عمير، ونستخلص من كل ذلك عدم تمامية الرواية. (بحوث في شرح العروة الوثقى 3/421).

 

ثانياً: أن هذا الحديث مؤوَّل ـ كما قال الشيخ المجلسي قدّس سره ـ بأن: الكلام مسوق على الاستعارة، أي يُسِر [الله] إليه، ولا يُطلع على ذنوبه غيره، كأنه يخاصره، والأخبار من هذا الباب كثيرة في سائر الأبواب. (بحار الأنوار 7/277).

 

وثالثاً: أن عقيدة الشيعة في الله تعالى معروفة، وهي أنهم لا يقولون بأن الله جسم، أو أن له يدين، أو رجلين، أو وجه، أو غير ذلك كما يقول السلفية، وكل حديث ورد فيه خلاف ذلك، فإما أن يؤوَّل إن أمكن تأويله، وإلا ضُرب به عرض الجدار.

الشيخ علي آل محسن