ذم أمير المؤمنين عليه السلام للنساء
أ. م. - الكويت - 23/02/2011م
روي عن الإمام علي عليه السلام أنه قال في بعض خطبه لأهل الكوفة: «حلوم الأطفال، وعقول ربَّات الحجال».
وقال: «لقد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها».

وهذه الكلمات تضايقني كثيراً، وأتألم منها كثيراً، فأتساءل: هل أن الإمام عليه السلام يذمنا نحن النساء؟ ولماذا؟
أرجو منكم إذا سمحتم مولاي أن توضحوا لي هذا المعنى من خطبته عليه السلام، جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب

كلمات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ليست ذمًّا لعامة النساء كما ظننت، وإنما هو ذم لأهل الكوفة الذين خالفوا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وخذلوه في حربه مع معاوية، فوصفهم في إحدى خطبه بأن عقولهم كعقول الأطفال وربات الحجال، أي النساء، ولا يخفى أن النساء في الغالب - لا دائماً - تميل بهن أهواؤهن، وتغلب عواطفهن على عقولهن، فمن كان من الرجال متبعاً لهواه، ومخالفاً لما يرشده إليه عقله، فإنه قد غيَّب عقله، وصار هواه يقوده يميناً وشمالاً كما هو حال الكثير من النساء.

 

ومن الواضح أن الله تعالى جعل عقول الرجال أرجح من عقول النساء، وجعل عواطف النساء أرق من عواطف الرجال؛ ليقوم كل واحد بدوره الذي هُيِّئ له، وكمال الرجال في رجاحة عقله، كما أن كمال النساء في رقة طبعها، فمتى ما تشبَّه الرجال بالنساء كان ذلك نقصاً فيهم، ومتى ما تشبَّه النساء بالرجال كان ذلك عيباً فيهن، ولذلك ورد في الأخبار أن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة (الكافي 5/510)، والقهرمان هو الذي يحكم في الأمور، ويتصرف فيها بأمره ونهيه.

 

فمن الصفات المذمومة في النساء الحزم والشدة، ومن صفاتهن الممدوحة أن تكون المرأة حنوناً رؤوماً.

 

وأما ما ورد في خطبة أخرى من قوله عليه السلام: (انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها)، فقيل: إن المراد هو تشبيه القوم بالنساء حال الولادة، حينما تكون المرأة في أضعف حالاتها، ويستبد بها غيرها من النساء، ويراد بهذا التشبيه الإخبار عن أصحابه بأنهم ضعاف متخاذلون.

 

والظاهر والله العالم أن المراد أنكم إذا اشتد القتال انفرجتم عن ابن أبي طالب أي خذلتموه، وتركتموه من غير نصرة، مع اعتقادكم بأنه أمير المؤمنين وخليفة المسلمين، ولم تدفعوا عنه، كما تنفرج المرأة (السيئة الباغية) عن قبلها، لا تدفع عنه.

 

وقد ورد في خبر آخر ما يوضح ذلك، حيث قال عليه السلام: والله فيما أرى لو حمس الوغى، واستحر الموت، قد انفرجتم عن علي بن أبي طالب انفراج الرأس وانفراج المرأة عن قبلها لا تمنع يد لامس. (مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني 3/4).

 

وقوله: (لا تمنع يد لامس) واضح الدلالة على أنه عليه السلام يشبههم بالمرأة البغي، التي لا تمنع من يلمسها من الرجال الأجانب، فكما أن المرأة البغي لا تمنع يد لامس يلمسها، ولا تدفعه عنها، فكذلك أنتم تركتم ابن أبي طالب وانفرجتم عنه، ولم تدفعوا عنه أعداءه.

 

والحاصل أن كلامه عليه السلام لا دلالة فيه على ذم النساء كما ظننت، والله العالم.

 

الشيخ علي آل محسن