آية الله السيد محمد مهدي الخرسان

في ذمة الله

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ببالغ الأسى والحزن تلقّيت خبر وفاة العالم الكامل البحّاثة المحقّق آية الله السيد محمد مهدي الخرسان طاب ثراه، الذي التحق بجوار ربّه في يوم الأحد غرّة ربيع الأوّل سنة 1445هـ.

كانت معرفتي بسماحته منذ تشرّفي بالذهاب إلى النجف الأشرف سنة 1416هـ للدرس والتحصيل، وقد عرفته في طول هذه المدة مكبًّا على الكتابة والبحث والتحقيق والاهتمام بالعلم والخير، مع أدب جمّ وبشاشة وخلق رفيع.

لقد أثرى سماحته المكتبة الإسلامية بكثير من المؤلّفات النافعة، حيث قام قدّس سرّه بتحقيق بعض الكتب المهمّة، مثل موسوعة ابن إدريس الحلّي (14 مجلدًا)، وكتابة جملة وافرة من المؤلّفات القيّمة، مثل موسوعة عبد الله بن عبّاس (21 مجلدًا)، وكتاب علي إمام البررة (3 مجلدات)، وهو شرح أرجوزة السيّد الخوئي قدّس سره في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وكتاب السجود على التربة الحسينية، والمحسن السبط: مولود أم سقط؟ وغيرها من المؤلّفات النافعة.

امتازت جميع آثار سماحة السيّد قدّس سرّه بالتتبّع والشمول والبحث والتحقيق، فإنه في جميع آثاره يستوعب الموضوع الذي يكتب فيه من جميع أطرافه، حتى تكاد تجزم بأنه ما من شاردة ولا واردة مهمّة إلا ذكرها.

عرفت سماحته قارئًا نهمًا، بل أعجوبة في قراءة الكتب، وأذكر أنّي أعطيته بعض كتبي ليبدي ملاحظاته فيه، فأخبرني في اليوم التالي أنه فرغ من قراءة الكتاب، وأعطاني كتابي وقد دوَّن في حواشيه ما كان عنده من ملاحظات قيّمة.

ومن فوائده قدّس سرّه أني ما اطّلعت على كتاب في مكتبته العامرة إلا ووجدت الصفحات البيضاء الأولى فيها قد ملأها بذكر ما في الكتاب من الفوائد التي يمكن أن يُحتاج إليها، مشيرًا فيها إلى أرقام صفحاتها في الكتاب.

إنّ فقده خسارة فادحة للعلم والتحقيق، وقد أحدث ثلمًا في الدين وفي الحوزة العلمية في النجف الأشرف، التي كان واحدًا من بقية السلف فيها، ومن المبرزين الذين لا يُسدُّ مكانهم.

وبهذه المناسبة الأليمة أتقدّم بخالص العزاء لمراجعنا العظام، وللعلامتين الفاضلين السيد صالح ابن سيدنا المعظم، والسيد محمد صادق ابن السيد محمد رضا الخرسان، ولباقي أسرة الخرسان الكريمة وتلامذة السيد ومحبّيه، ولطلاب الحوزات العلمية، وأسأل الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان، وأن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جنته، ويحشره مع أجداده الطاهرين بحق محمد وآله أجمعين.

                     2 ربيع الأول 1445هـ                                   علي آل محسن