السيد محمد كاظم الشريعتمداري
مرات العرض: «6382» حفظ الصورة
المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد كاظم الشريعتمداري قدس سره
(1322 - 1406)

ولادته ونشأته:

ولد السيد محمد كاظم نجل العلامة السيد حسن التبريزي المشهور والمعروف بالشريعتمداري في مدينة تبريز إحدى أكبر وأهم مدن إيران في عام 1322هـ، ونشأ بها وتربّى على يد والده رحمه الله محباً للعلم وأهله، لكن سرعان ما فقد الابن أباه ولم يبلغ الحلم فأصبح يتيماً حيث توفي والده سنة 1332هـ.

ابتدأ السيد محمد كاظم مسيرته في طلب العلم فأخذ المقدمات والسطوح لدى فضلاء تبريز، وبعد أن أنهى سطحه أخذ يحضر بحوث آية الله الشيخ صادق التبريزي وآية الله السيد أبو الحسن الأنكَجي قدس سرهما، كما بدأ بتدريس كتاب المكاسب وله من العمر ثمانية عشر عاماً، إلا أنه لم يستمر طويلاً في ذلك حيث غادر تبريز إلى قم المقدسة.

هجرته إلى قم المقدسة:

في عام 1340هـ هاجر المترجم له إلى مدينة قم المقدسة وحضر فيها درس مؤسس الحوزة المرجع الكبير آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي رحمه الله بالإضافة إلى حضوره لدى آية الله الميرزا جواد الملكي التبريزي وآية الله الميرزا علي أكبر اليزدي رحهما الله، وبقي مدةً مديدة استفاد فيها من محضر هؤلاء الأساتذة العظام، وقد نُقل عن آية الله المقدّس الشيخ المحسني الملايري رحمه الله (وهو مشهور بالاستخارة العجيبة) أن السيد الشريعتمداري كان يجلس بعد درس الشيخ الحائري ويقرر الدرس على مجموعة من الفضلاء بل كان فيهم من أصبح لاحقاً من كبار المراجع.

هجرته إلى النجف الأشرف:

هاجر(قدس سره) إلى مدينة العلم وباب الفقاهة النجف الأشرف وحضر الأبحاث العالية على يد أساطين الحوزة وجهابذة التحقيق وفحول العلماء مثل : مرجع عصره المقدّس آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني والأعلام الثلاثة أساطين علم الأصول ومجدديه: آية الله العظمى الميرزا محمد حسين النائيني وآية الله العظمى المحقق آغا ضياء الدين العراقي وآية الله العظمى الشيخ محمد حسين الأصفهاني (قدس الله أرواحهم) واستفاد منهم استفادة بالغة حتى أجازه بالاجتهاد كلٌ من الشيخ العراقي والشيخ الأصفهاني.
وفي عام 1355هـ عاد إلى تبريز واشتغل بالبحث والتدريس وإقامة الجماعة وإرشاد المؤمنين.

العودة إلى قم المقدسة:

وفي عام 1369 توجّه إلى قم المقدسة بطلب من مرجع الطائفة آية الله العظمى السيد حسين البروجردي قدس سره الذي طلب قدومه لتقويه أركان الحوزة العلمية، فاستجاب لطلبه وقدِم قم المقدسة وشرع في تدريس الأبحاث العالية فقهاً وأصولاً، وبعد وفاة السيد البروجردي أصبح السيد الشريعتمداري أحد أهم الأركان في حوزة قم المقدسة، وأصبحت له مرجعية واسعة ونفوذ قوي في إيران.

تلامذته:

كان درسه حسن الترتيب والبيان وكان يختمه بقوله: (فتحصّل مما ذكرناه) ويذكر خلاصة ما طرحه والنتيجة التي انتهى إليها مما يساعد الطلاب على ضبط الدرس وما ذُكر فيه، وقد درّس قدس سره كثيراً من كتب الفقه منها: الطهارة والصوم والزكاة والخمس والمكاسب والإجارة، وقد تتلمذ على يديه الكثير من الفضلاء والمجتهدين، إلا أن كثيراً منهم وبسبب الأحداث التي حصلت للسيد الشريعتمداري تنكّر لفضله ولم يعد يذكر استفادته من السيد رحمه الله، وممن نعرفه بالتلمّذ على يديه:

السيد أبو القاسم الكوكبي- السيد رضا الصدر - السيد موسى الشبيري الزنجاني - السيد موسى الصدر - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي – الشيخ جعفر السبحاني- السيد رسول الموسوي الطهراني - الشيخ يد الله الدوزدوزاني – الشيخ محسن الدوزدوزاني - الشيخ محمد بن الشيخ محمد طاهر الخاقاني – الميرزا علي المشكيني – الشيخ مصطفى الاعتمادي - الشيخ أبو الفضل العلمائي وكان من خواصه والمقربين منه – الشيخ حسين الحقاني الزنجاني – الشيخ أحمد الباياني – الشيخ يعسوب الدين الرستكاري - الشيخ علي الكريمي الجهرمي - الشيخ علي المحسني الخوئي- الشيخ ولي الله السرابي- الشيخ محمد رضا المامقاني- الشيخ مسلم الملكوتي-الشيخ حسن الجواهري- السيد راغب كمونة الحسيني - الشيخ محمد الرازي- وغيرهم.

مرجعيته وخدماته:

تصدى للمرجعية ورجع إليه جمع كبير من المقلدين وكانت مرجعيته تزاحم مرجعيات كبار الفقهاء ذلك الوقت مثل السيد الخوئي رحمه الله لا سيما في تبريز والمناطق المجاورة لها، وقد أسس داخل إيران وخارجها مؤسسات ثقافية وعلمية، ومكتبة ضخمة في قم المقدسة، وأرسل وفوداً لنشر الإسلام في أميركا وأوربا، وصدرت عن المؤسسات التابعة له عدة مجلات عربية وفارسية وتُرجمت إلى اللغات الأجنبية وقام بكثير من المآثر الخالدة والخدمات الجليلة.

موقفه من الضجة حول تفسير الميزان:

بعد صدور الأجزاء الأولى من تفسير الميزان لآية الله العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره انبرى جماعة من الأشخاص في الحوزة ممن يختلفون مع السيد الطباطبائي فكرياً أو شخصياً إلى الهجوم اللاذع على الكتاب والكاتب وأثّر هذا الهجوم على كثير من الناس.
وفي وسط هذه الضجة برز الموقف المساند من السيد الشريعتمداري في دعم السيد الطباطبائي، حيث ذهب إلى المرجع الأعلى السيد البروجردي ووضّح له بعض الأمور التي تثار حول منهجية كتاب الميزان.
كما أنه كتب تقديماً جميلاً لتفسير الميزان نُشر في الجزء الرابع أو الخامس منه وذلك في سنة 1376هـ، ابتدأه ببيان فضل القرآن ولزوم التمسّك به ثم أهمية علم التفسير، ثم كان مما قال:
(لقد قيّض المولى سبحانه في هذا العصر الزاهر رجل العلم والفضيلة سيدنا العلامة الأوحد والنحرير النيقد صاحب الآثار الجليلة والتآليف الثمينة آية العلم وحجة الدين السيد محمد حسين الطباطبائي حتى تحمّل جهوداً كبيرة لا يستهان بها في تأليف كتابه في هذا المضمار جامعاً لعدة نواحي فنية لا تكاد تجتمع في غيره ولذلك بلغ ما بلغ) ثم قال بعد ذكره لبعض المزايا: (يعد الكتاب درة باهرة وفيه بغية الطالب وأمنية المفسّر وغاية المحدّث ويُعد مؤلفه من حسنات الدهر ومن مفاخر الطائفة).

وبسبب جهود السيد الشريعتمداري في دعم السيد الطباطبائي والدفاع عنه خفّت الضجة وتراجع سيل الانتقادات القاسية.

مؤلفاته:

طبع له: توضيح المسائل- خلاصة الأحكام - مناسك الحج - مناهج التقى في التعليق على العروة الوثقى- وسيلة العباد ليوم المعاد – كتاب القضاء كتبه في أواخر حياته وفي فترة المرض – فروع العلم الإجمالي – ، وله من المؤلفات المخطوطة: اجتماع الأمر والنهي- المعاملات المنهية في الفقه - اللباس المشكوك.

ومن تقريرات درسه المطبوعة:

-كتاب الإجارة من تقرير الشيخ أبو الفضل العلمائي دام ظله، طُبع في حياته مقرّظاً.
-كتاب الطهارة في مجلدين تحقيق من تقرير الشيخ حسين الحقاني الزنجاني حفظه الله، وهو مقرّظ من السيد رحمه الله.
-تقريرات في باب البيع والخيارات في 7 مجلدات وهو من تقرير الشيخ الحقاني أيضاً. وقد طُبع هذان التقريران مؤخراً.

وفاته:

بعد عمر مديد بالجهاد والكفاح وتحمّل الأذى انتقل إلى رحمة الله تعالى فكانت وفاته ليلة الجمعة 24رجب سنة 1406هـ في مدينة قم المقدسة ودفن بها. رحمه الله رحمةً واسعة وحشره مع محمد وآله الطاهرين.

ملاحظة: يوجد كتاب جيد يحسن مطالعته وهو موجود على شبكة الفكر للكتب بعنوان من تراث المرجع الديني الراحل آية الله العظمى السيد محمد كاظم شريعتمداري.
الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني
السيد محمود السيستاني